.................................................................................................
______________________________________________________
صدور الفعل بغير اختيار ، لوضوح أنّ معنى الاجتناب أن لا يفعله متعمّداً ويكون بعيداً عنه وعلى جانب منه ، فهو فعل اختياري ، فلو ارتكب الفعل كالأكل عن قصدٍ يصدق أنّه لم يجتنب عنه ، بخلاف ما لو صدر عنه بغير قصد واختيار ، فإنّه يصدق معه الاجتناب بلا ارتياب.
وعلى الجملة : فعدم الدليل على البطلان يكفي في الحكم بالصحّة.
نعم ، في البقاء على الجنابة قام الدليل على البطلان في النومة الثانية ، وأمّا في المقام فلم يدلّ عليه دليل حسبما عرفت. هذا أوّلاً.
وثانياً : على تقدير الحاجة إليه يكفينا ما ورد في الناسي وهي عدّة روايات كما سيجيء دلّت على الصحّة ، معلّلاً في جملة منها بأنّه رزق رزقه الله ، فإذا ثبتت الصحّة في الناسي مع كونه متعمّداً وقاصداً إلى ذات الفعل ففيما لا قصد فيه الصادر بغير إرادة واختيار بطريقٍ أولى ، وتؤيّده الروايات الواردة في خصوص بعض المفطرات ، المصرّحة بتخصيص الحكم بصورة العمد ، مثل ما ورد في الكذب وفي القيء حسبما مرّ في محلّه (١).
هذا ، وربّما يستدلّ لذلك بالنصوص المتضمّنة للقضاء على من أفطر متعمّداً ، فيقال : إنّها تدلّ على اعتبار العمد في القضاء كالكفّارة.
ولكن هذه النصوص بأجمعها تضمّنت التقييد بالعمد في كلام السائل دون الإمام (عليه السلام) ، فلاحظ (٢). ومثله لا دلالة له على المفهوم ليقتضي نفي القضاء عن غير المتعمّد.
نعم ، خصوص رواية المشرقي تضمّنت التقييد بالعمد في كلام الإمام (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أيّاماً متعمّداً ، ما عليه
__________________
(١) ص ١٣٢ و ٢٤٧ ٢٤٨.
(٢) الوسائل ١٠ : ٤٤ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨.