.................................................................................................
______________________________________________________
فتمتدّ من أوّل الليل إلى طلوع الفجر ، ففي أيّ وقت نوى وكان مستمرّاً في نيّته الارتكازيّة بالمعنى المتقدّم سابقاً المجامع مع النوم والغفلة الفعليّة كفى ويحكم معه بالصحّة.
بقي الكلام فيما لو قدّم النيّة على الليل ، كما لو نام عصراً ناوياً صوم الغد ولم يستيقظ إلّا بعد الفجر ، أو بعد الغروب من اليوم الآتي ، أو بعد يومين كما اتّفق لبعض ، فهل يحكم حينئذٍ بالصحّة ، نظراً إلى تحقّق الإمساك خارجاً عن نيّة سابقة ، أو لا؟
الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كان النوم في شهر رمضان ، وما كان في غيره :
فإن كان الثاني كما لو نام في اليوم الأخير من شعبان قاصداً صوم الغد ولم يستيقظ إلّا بعد الفجر فالظاهر فساد صومه حينئذٍ ، لأنّه في زمان نيّته لم يكن بعدُ مأموراً بالصوم ، لعدم حلول الشهر الذي هو زمان تحقّق الوجوب ، فكيف ينوي الامتثال؟! وفي زمان الأمر لم يكن قابلاً له ، لأنّ النائم لا يؤمَر بشيء ، فلا أمر له بالصوم لا في زمان التفاته ولا في زمان عدم التفاته وإن كان الصوم بالآخرة منتهياً إلى الاختيار ، إلّا أنّه لم يكن مأموراً به كما عرفت.
وإن كان الأوّل كما لو نام عصر اليوم الأوّل من شهر رمضان ناوياً صوم الغد فحينئذٍ إن قلنا بالانحلال وأنّ أمر كلّ يوم يحدث عند غروب ليلته ، فالكلام هو الكلام ، فإنّ الأمر بالصوم لم يكن حادثاً قبل النوم ، وبعده لا يكون قابلاً للتكليف.
وأمّا إذا بنينا على أن تلك الأوامر كلّها تحدث دفعةً في أوّل الشهر وأنّه يؤمر في اللّيلة الأُولى بصيام الشهر كلّه على نحو الواجب التعليقي كما هو الصحيح ، على ما يقتضيه ظاهر الآية المباركة (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (١) ، وكذا
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٥.