.................................................................................................
______________________________________________________
وثالث أكثر ، ولأجل كون الحدّ الوسط هو المدّ فقد جُعِل الاعتبار في الإعطاء بذلك ، كما أُشير إليه في صحيحة الحلبي (١) ، وإن كان الغالب في زماننا ولعلّه في السابق أيضاً كذلك أنّ الإنسان العادي لا يأكل المدّ بل ولا نصفه.
وكيفما كان ، فلا إشكال في انصراف الإطعام إلى الإشباع كما في قوله تعالى (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) ، وقد تقدّم أنّ «طعم» بفتح العين بمعنى شبع.
وعليه ، فالإشباع معتبر في مفهوم الإطعام لو كان مأخوذاً من هذه المادّة ، وهو المناسب لقوله تعالى (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (٢) ، إذ من المعلوم أن إطعام الأهل بالإشباع.
ويدلّ عليه ما في صحيحة أبي بصير الواردة في كفّارة اليمين من التصريح بالإشباع ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن أوسط ما تطعمون أهليكم؟ «قال : ما تقوتون به عيالكم من أوسط ذلك» قلت : وما أوسط ذلك؟ «فقال : الخلّ والزيت والتمر والخبز ، يشبعهم به مرّةً واحدة» إلخ (٣).
إذ لا يُحتمل اختصاص ذلك بكفّارة اليمين ، لعدم احتمال الفرق بين إطعام عشرة مساكين وبين إطعام الستّين من هذه الجهة بالضرورة ، فإنّه تفسيرٌ للإطعام الذي لا يفرق فيه بين مقام ومقام كما هو ظاهر.
وأمّا الاكتفاء بالإشباع مرّةً واحدة فهو مضافاً إلى التصريح به في هذه الصحيحة مقتضى الإطلاق في سائر الأدلّة ، لصدق المفهوم وانطباق الواجب الملحوظ على نحو صرف الوجود عليها ، فلو دعا ستّين مسكيناً وأطعمهم مرّةً واحدةً يصحّ أن يقال : إنّه أطعم ستّين مسكيناً ، فما لم يكن دليل على اعتبار
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٣٨١ / أبواب الكفّارات ب ١٤ ح ٣.
(٢) المائدة ٥ : ٨٩.
(٣) الوسائل ٢٢ : ٣٨١ / أبواب الكفّارات ب ١٤ ح ٥.