.................................................................................................
______________________________________________________
الزيادة على ذلك فمقتضى الإطلاق الاكتفاء بما تصدق عليه الطبيعة.
نعم ، روى العيّاشي في تفسير الآية المباركة الواردة في كفّارة اليمين يشبعهم يوماً واحداً (١) ، ولكنّه مضافاً إلى الإرسال محمولٌ على الأفضليّة ، لصراحة صحيحة أبي بصير المتقدّمة بكفاية المرّة الواحدة كما عرفت.
وهل يُعتبَر في البذل أن يكون من يبذل له كبيراً أو يجزئ الصغير أيضاً كما كان كذلك في الإعطاء؟
لا شكّ أنّ مقتضى الإطلاق الاكتفاء بكلّ ما صدق عليه إطعام المسكين وإن كان صغيراً ، فإنّه أيضاً مسكينٌ أطعمه ، إلّا أنّه ربّما لا يتحقّق هذا الصدق بالإضافة إلى الصغير الذي لا يأكل إلّا قليلاً جدّاً ، كمن كان عمره ثلاث سنين ونحوه ممّن كان في أوان أكله ، فإنّ صدق إطعام المسكين بالنسبة إليه مشكل جدّاً ، بل ممنوع عرفاً ، فلو دعا عشرة رجال وكان معهم ابن ثلاث سنين أو أربع لا يقال : إنّه أطعم أحد عشر شخصاً كما لا يخفى.
أمّا إذا كان الصبي أكبر من ذلك بحيث يقارب طعامه طعام الكبار صدق على إطعامه أنّه إطعام المسكين ، بل قد يأكل المراهق المقارب للبلوغ أكثر ممّا يأكله ابن أربعين سنة ، فالبلوغ غير معتبر هنا جزماً كما هو معتبر في بعض الموارد مثل الطلاق والبيع والنكاح ونحوها ، لعدم دلالة أيّ دليل عليه ، بل العبرة بصدق إطعام المسكين ، فإن صدق كمن كان عمره أربع عشرة سنة كفى وشملة الإطلاق من غير حاجة إلى قيام دليل عليه بالخصوص ، وإن لم يصدق كالصغير جدّاً لم يكف ، مثل : ما لو جمع ستّين مسكيناً صغيراً تتراوح أعمارهم بين الثلاث والأربع سنين فإنّ النصّ من الكتاب والسنّة منصرف عن مثل ذلك قطعاً ، وكذا الحال فيما لو شكّ في الصدق كما لو كان عمره أكثر من ذلك بقليل ،
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٣٨٢ / أبواب الكفّارات ب ١٤ ح ٨ ، تفسير العيّاشي ١ : ٣٣٧ / ١٧١.