.................................................................................................
______________________________________________________
إنّما المهمّ العلاج بين الطائفتين المتقدّمتين ، فقد يقال بتقديم الطائفة الأُولى التي جعل الاعتبار فيها بالزوال ، نظراً إلى أنّها أصحّ سنداً ، وأنّها مخالفة لمذهب العامّة ، والطائفة الأُخرى موافقة لهم حسبما نقله في الحدائق عن العلّامة في المنتهي من أنّه حكى عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك والأوزاعي وأبي ثور وجمع آخرين منهم أنّهم جعلوا الاعتبار في الصيام والإفطار بتبييت النيّة وعدمه (١).
والتحقيق : أنّه لا معارضة بين الطائفتين على نحو تستوجب الرجوع إلى المرجّحات لدى التصدّي للعلاج ، إذ المعارضة إنّما نشأت من إطلاق الطائفتين كما سمعت ، وإلّا فالالتزام بأصل التفصيل المشتمل عليه كلّ منهما في الجملة ممّا لا محذور فيه.
وعليه ، فيرفع اليد عن إطلاق الطائفة الأُولى الناطقة بالإفطار لو سافر قبل الزوال ، وتُحمَل على ما لو كان مبيّتاً للنيّة ، بشهادة صحيح رفاعة الصريح في وجوب الصوم على من سافر قبل الزوال من غير تبييت ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح ، «قال : يتمّ صومه (يومه) ذلك» (٢).
فإنّ قوله يعرض ، ظاهر في عروض السفر وحدوث العزم عليه من غير سبق النيّة فتكون هذه الصحيحة كاشفة عن أنّ الطائفة الثانية المتضمّنة للتفصيل بين التبييت وعدمه ناظرة إلى هذا المورد ، أعني : ما قبل الزوال فيكون الحكم بالصيام لو سافر بعد الزوال الذي تضمّنته الطائفة الأُولى سليماً عن المعارض.
ونتيجة ذلك : هو التفصيل بين ما قبل الزوال وما بعده ، وأنّه في الأوّل يحكم
__________________
(١) الحدائق ١٣ : ٤٠٦ ٤٠٧.
(٢) الوسائل ١٠ : ١٨٦ / أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ٥.