.................................................................................................
______________________________________________________
يكن ناوياً للصوم ثمّ التفت أثناء النهار ، جاز بل وجب عليه تجديد النيّة ، ويجتزئ بصومه ، وذلك لاستفادة حكمه من النصوص المتقدّمة بالأولويّة القطعيّة ، إذ لو جاز تجديد النيّة في فرض كون المأمور به هو الطبيعي الجامع وأمكن تطبيقه على هذا الفرد الناقص الفاقد للنيّة في مقدارٍ من اليوم مع إمكان الإتيان به بعدئذٍ في فرد آخر كامل ، فجوازه فيما لو كان مأموراً بهذا الفرد بخصوصه غير القابل للتبديل بفرد آخر بطريق أولى ، إذ لا يحتمل الصحّة والإجزاء في الأوّل وعدمها في الثاني ، بل هذا أولى منه بالصحّة كما لا يخفى.
نعم ، يختصّ الحكم بالمعيّن من غير رمضان ولا ينسحب إليه ، لاختصاص مورد الأولويّة بالواجب الذي ينقسم إلى قسمين : معيّن وغير معيّن كالنذر والقضاء ونحوهما ، فيقال حينئذٍ : إنّه لو ثبت الحكم في غير المعيّن ففي المعيّن منه بطريق أولى كما عرفت.
وأمّا صوم رمضان فهو معيّن دائماً ولا ينقسم إلى القسمين ، ومثله لا يكون مورداً للأولويّة كما لا يخفى ، فلا دليل على جواز تجديد النيّة فيه ، بل الأظهر لزوم القضاء وإن وجب الإمساك كما تقدّم سابقاً (١).
والمتلخّص من جميع ما ذكرناه : أنّه في الواجب غير المعيّن بل المعيّن من غير رمضان يجوز تجديد النيّة ، ولا فرق في ذلك بين ما إذا لم يكن ناوياً للصوم ، أو كان ناوياً للعدم بأن كان بانياً على الإفطار ثمّ بدا له أن يصوم قبل أن يفطر ، لإطلاق النصوص المتقدّمة ، بل أن منصرف أكثرها هو الثاني ، فإنّ إرادة الغفلة أو النسيان من قوله في كثير منها : أصبح ولم ينو الصوم ، بعيد ، وأبعد منه إرادة التردّد ، بل الظاهر من عدم نيّة الصوم بمقتضى الفهم العرفي هو نيّة الإفطار وعدم الصوم ، ولو لم تكن النصوص ولو بعضها ظاهرة في ذلك فلا أقلّ من
__________________
(١) في ص ٤٥.