.................................................................................................
______________________________________________________
فإن علمنا بذات الباري مستحيل والجهل به ضروري ، وغنانا عنه تعالى مستحيل والفقر ضروري ، كما أنّ القدرة على الطيران ، إلى السماء مستحيل والعجز ضروري ، والحلّ ما عرفت من أنّ القابليّة النوعيّة كافية وإن تعذّرت الشخصيّة ، فإنّ علم الممكن بنوع المعلومات ممكن وإن كان علمه بشخص ذاته تعالى مستحيلاً ، وكذا الحال في سائر الأمثلة.
وعلى الجملة : فمعنى الإطلاق رفض القيود لا الجمع بينها.
وعليه ، فقد تعلّق النذر في المقام بطبيعي التطوّع غير الملحوظ فيه الوقوع قبل الواجب أو بعده بتاتاً ، ولا ريب أنّ هذا الطبيعي مقدور له وإن كان بعض أفراده غير مقدور قبل فعليّة النذر ، ضرورة أنّ الجامع بين المقدور وغير المقدور مقدور ، وبعد انعقاد النذر ينقلب غير المقدور إلى المقدور وينطبق عليه الطبيعي المنذور بطبيعة الحال ، إذ متعلّق النذر هو نفس الطبيعي لا المقيّد بما بعد الفريضة ، وبعد صحّة النذر يتّصف بالوجوب فيخرج عن كونه تطوّعاً في وقت الفريضة.
وبعبارة أُخرى : إذا لم يؤخذ قيد في متعلّق النذر كما هو الفرض وكان لا يشرط فبعد أن طرأ عليه وصف الوجوب خرج عن موضوع التطوّع في وقت الفريضة ، ومعه لا مانع من الإتيان به قبل الواجب بعد أن كان بنفسه مصداقاً للواجب.
نعم ، لو قلنا بأنّ استحالة التقييد تستلزم استحالة الإطلاق لأشكل الأمر ، إذ المنذور يتقيّد لا محالة بما بعد الفريضة ، فلا ينطبق على المأتي به قبلها.
فتحصّل من جميع ما سردناه : أنّ ما ذكره الماتن من جواز الإتيان بالمنذور قبل الفريضة هو الصحيح ، فإنّ الإطلاق مرجعه إلى رفض القيود لا الجمع بينها ، فمركز التكليف هو الطبيعي الجامع المنطبق على الأفراد الخارجيّة ، وما