.................................................................................................
______________________________________________________
وهكذا الحال في القسم الثاني ، فإنّ نذر اليوم المعيّن لا يمكن أن يشمل إطلاقه الإتيان به قبل الواجب ، بل لا بدّ من تقييده بما بعده ، فلو أتى به قبله لم يكن وفاءً للنذر.
وعلى الجملة : إذا كان تقييد النذر بالإتيان بالمنذور قبل الفريضة ممتنعاً كان الإطلاق أيضاً ممتنعاً ، فلا مناص من التقييد بالخلاف. ومن أجله لم يسغ له التقديم على الواجب.
أقول : هذه دعوى كبرويّة ، وهي استلزام استحالة التقييد استحالة الإطلاق ، قد تعرّضنا لها في الأُصول في بحث التعبّدي والتوصّلي وأنكرنا الاستلزام (١) بل قد يكون التقييد مستحيلاً والإطلاق ضروريّاً ، وقد ينعكس ، فلا ملازمة بين الإمكانين في شيء من الطرفين ، لأنّ التقابل بين الإطلاق والتقييد ليس من تقابل العدم والملكة وإن أصرّ عليه شيخنا الأستاذ (قدس سره) (٢) ، وإنّما هو من تقابل التضادّ ، فإنّ معنى الإطلاق ليس هو الجمع بين القيود ولحاظها بأجمعها ، بل معناه رفض القيود برمّتها وعدم دخالة شيء من الخصوصيّات في متعلق الحكم بحيث لو أمكن بفرض المحال وجود الطبيعة معرّاة عن كلّ خصوصيّة لكفى ، فالحاكم إمّا أن يلاحظ القيد أو يرفضه ولا ثالث.
وعلى تقدير تسليم كونه من تقابل العدم والملكة فالأمر أيضاً كذلك ، أي لا ملازمة بين الأمرين ، وإن اعتبرت معه قابليّة المحلّ فإنّ قابليّة كلّ شيء بحسبه ، والقابليّة الملحوظة هنا نوعيّة لا شخصيّة ، وإلّا لاتّجه النقض بعدّة موارد ذكرنا أمثلتها في الأُصول كالعلم والجهل ، والغنى والفقر ، والقدرة والعجز ، فإنّ التقابل بين هذه الأُمور من العدم والملكة مع أنّ استحالة بعضها تستلزم ضرورة الآخر ،
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٥٠.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١١٣ ، وانظر المحاضرات ٢ : ١٥٠.