.................................................................................................
______________________________________________________
ولذا كتبنا في التعليقة في بحث الصلاة أنّ في العبارة قصوراً ، وهذا الظاهر غير مراد جزماً ، بل يريد أن متعلّق النذر راجح في نفسه وإنّما كان هناك أمر آخر موجباً لعدم جوازه وهو يرتفع بالنذر تكويناً كما سيتّضح ذلك إن شاء الله تعالى.
وكيفما كان ، فإذا بنينا على صحّة النذر في القسم الأخير فالأمر في الأولين واضح ، إذ الإشكال فيهما لم يكن إلّا من ناحية جواز الإتيان بالمنذور قبل الواجب ، وإلّا فقد عرفت أنّ النذر فيهما منعقد في نفسه قطعاً ، فإذا بنينا على الصحّة هنا المستلزم لجواز إيقاع المنذور قبل الواجب مع الضيق ففيهما مع سعة الوقت بطريق أولى.
وأمّا إذا بنينا هنا على عدم الصحّة ، نظراً إلى اعتبار الرجحان اللازم حصوله قبل النذر ، المفقود في المقام ، لعدم كون العمل قابلاً للتقرّب بعد كونه مبغوضاً للمولى ، لكونه من التطوّع في وقت الفريضة المنهيّ عنه ، فهل الأمر في القسمين الأولين أيضاً كذلك فلا يصحّ الإتيان بالمنذور خارجاً قبل تفريغ الذمّة عن الفريضة وإن كان النذر في حدّ نفسه صحيحاً كما عرفت ، أو أنّه يصحّ؟
اختار الثاني في المتن ، نظراً إلى أنّه بعد فرض صحّة النذر فما يأتي به مصداقٌ للمنذور الذي هو محكوم بالوجوب وليس من التطوّع في شيء ، فلا تشمله الأدلّة الناهية عن التطوّع في وقت الفريضة.
ولكن قد يناقَش فيه بأنّه بناءً على عدم الصحّة في القسم الأخير لا يصحّ ذلك في الأولين أيضاً ، لأنّ تعلّق النذر بالتطوّع قبل الفريضة لو كان ممنوعاً كما هو المفروض في هذا المبنى لم يكن ذلك مشمولاً للإطلاق أيضاً ، فلا محالة يتقيّد المنذور بالتطوّع المأتي به بعد الفريضة ، فلا بدّ من الإتيان بالواجب من باب المقدّمة ليتمكّن من الوفاء بالنذر. ومعه كيف يكون مصداقاً للواجب حتّى يقال : إنّه ليس بتطوّع؟!