.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّ الإطلاق في هذا المقام ، يكشف عن عدم التقيد في مقام الثبوت وكون مراده هي الطبيعة السارية ، وإلّا لكان متكلماً على خلاف ما هو المتعارف لدى الناس في مقام التفاهم.
ومما ذكرنا يظهر الوجه في كون النسبة بينهما بحسب هذا المقام هو العدم والملكة فإنّ الإطلاق عبارة عن عدم تقيد ما هو قابل للتقيد.
ومن هنا فما ذكر في كلمات الأصحاب من كون المقابلة بينهما من تقابل العدم والملكة صحيح ، لكنه بالقياس إلى مقام الإثبات فقط.
وعلى ضوء هذا ، ففيما نحن فيه :
إذا اعترف المالك بكون عقد المضاربة حين وقوعه مطلقاً ، كشف ذلك عن إطلاقه في مقام الثبوت أيضاً. فإن ادّعى أنه قد منع العامل بعد ذلك عن الاتجار بنحو معيَّن بحيث يكون مقيّداً منفصلاً ورافعاً لحجية ظهور ذلك الإطلاق مع بقاء أصل الظهور على حاله ، وأنكر العامل ذلك ، فالأمر كما أفاده (قدس سره) من تقديم قول العامل. فإنّ إطلاق كلامه بمقتضى اعترافه حجّة عليه ، ما لم يثبت أنه أقام حجة أُخرى.
لكن الظاهر أنّه (قدس سره) لا ينظر إلى فرض دعوى قيام الحجّة المنفصلة ، وأنه ناظر إلى فرض دعوى الحجّة المتصلة ، بمعنى ادعاء المالك لمنع العامل عن التجارة المعيَّنة حين المضاربة ، وخيانة العامل بمخالفته لذلك ، وإنكار العامل لذلك.
وفي هذا الفرض لا يتمّ ما أفاده (قدس سره) ، حيث إنّ العامل حينئذ يدّعي الإطلاق والمالك يدّعي التقييد ، وفي مثله لا يمكن تقديم قول العامل ، لأنه مدَّع أيضاً. لأنّ أصالة عدم التقييد ، إن أُريد بها استصحاب العدم الأزلي لو قلنا به كما هو الصحيح فلا أثر له في المقام ، حيث لا يثبت الإطلاق. وإن أُريد بها أصالة الإطلاق الثابتة ببناء العقلاء ، فلا مورد لها في المقام ، فإنها إنما تجري فيما إذا أحرز الإطلاق في مقام الإثبات ، وكان الشكّ في مطابقة مقام الثبوت له ، فلا تجري في فرض الشك في أصل ثبوت الإطلاق.
والحاصل أنّه بعد الشكّ في الإطلاق والتقييد في المقام ، لا وجه لإثبات الإذن من