.................................................................................................
______________________________________________________
ومن هنا فحيث إنّ المفروض أن العامل ليس بعاجز عن التجارة بجميع أجزاء ذلك المال وإن كان عاجزاً عن الاتجار بمجموعه ، فلا موجب للحكم بالبطلان من رأس وفي جميع المال ، بل يتعين الحكم بالصحة فيما يقدر عليه ، والبطلان فيما يعجز عنه. فإنه لا محذور فيه سوى توهم أنّ الجهالة بالمقدار المقدور يستتبع الغرر الموجب لبطلان العقد ، إلّا أنك قد عرفت ما في هذا التوهم ، حيث لا غرر فلا موجب للحكم بالفساد.
نعم ، لو كانت اجرة المثل في الخارج أقلّ من الربح المجعول للعامل ، وكان المالك حين العقد جاهلاً بعجز العامل عن الاتجار ببعض المال ، كان له الخيار في فسخ العقد من رأس ، لتخلف الشرط ، وهو انضمام المضاربة بكل جزء بالمضاربة بالجزء الآخر كما هو الحال في سائر موارد تبعض الصفقة. فيثبت للعامل اجرة مثل عمله حينئذٍ ، أو إمضاء العقد في ذلك الجزء ، فيكون له ما اتفقا عليه من النسبة. وأما الحكم بالبطلان من رأس كما أفاده الماتن (قدس سره) ، فلا وجه له ولا يمكن المساعدة عليه.
وبعبارة اخرى نقول : إن المقدار المقدور ، تارة يكون متميزاً عن غير المقدور وأُخرى لا يكون كذلك.
ففي الأوّل : لا ينبغي الشك في صحة المعاملة بالنسبة إلى المقدار المقدور ، فإنه من ضم المعاملة الصحيحة إلى المعاملة الفاسدة. نظير بيع الخنزير والشاة جملة ، أو بيع ماله ومال غيره كذلك ، فإنها تتبعض لا محالة ، فتبطل في الخنزير ومال الغير ، وتصحّ في الشاة وماله.
وهذا جارٍ في الإجارة أيضاً ، فإنه لو آجره لعملين أحدهما مقدور والآخر غير مقدور دفعة ، صحّت بالنسبة إلى المقدور ، وبطلت بالنسبة إلى غيره.
والحاصل إنَّ ضمَّ معاملة صحيحة إلى أُخرى فاسدة ، لا يوجب البطلان بالنسبة إلى الصحيحة ، بل تنحلّ المعاملة الواحدة إلى معاملتين ، فتصحّ بالنسبة إلى الواجدة للشرائط ، وتبطل بالنسبة إلى غيرها.
ومنه يتّضح فساد ما ذكره (قدس سره) من عدم استحقاق العامل شيئاً من الربح فإنّ له النسبةَ المتَّفقَ عليها من ربح ما اتّجر به ، لانكشاف كونه مقدوراً وصحيحاً.