مع جهله بالبطلان (١) ويكون ضامناً
______________________________________________________
وفي الثاني : فيحكم بالصحة في المقام أيضاً ، وإن كنا نحكم بالفساد في الإجارة باعتبار أنه يعتبر فيها معلومية العمل بخلاف المضاربة ، حيث قد عرفت أنه لا يعتبر فيها معرفة مقدار المال ، لعدم الغرر في الجهل به. وعلى تقديره ، فلا دليل على نفيه بقول مطلق.
إذن فلا موجب للحكم فيه بالبطلان فيما ظهر مقدوريته بعد ذلك من رأس ، بعد أنْ كانت المضاربة عقداً جائزاً ولم يتضمّن التمليك من الابتداء ، ولا مجال لقياسها بالإجارة التي هي من العقود اللازمة المتضمنة للتمليك من الطرفين. بل المتعين هو الحكم بثبوت النسبة المعينة من الربح للعامل ، فيما إذا لم يكن المالك جاهلاً بعجزه عن المضاربة بالجميع من أوّل الأمر. وإلّا فهو بالخيار ، إن شاء أبقى المعاملة كما كانت فيأخذ العامل نصيبه من الربح. أو فسخ ، لتبعض الصفقة ، فيكون للعامل اجرة مثل عمله.
(١) ما أفاده (قدس سره) متفرع على اختياره لبطلان المضاربة في المقام ، فلا تثبت له الحصّة المعينة من الربح. وأما بناءً على ما اخترناه من صحّتها بالنسبة إلى المقدور ، فلا موضوع لهذا الكلام كما عرفت.
وكيف كان ، فكأنّ الوجه فيما أفاده (قدس سره) من استحقاق العامل لُاجرة مثل عمله عند جهله بالبطلان خاصّة ، هو عدم إقدام العامل حينئذٍ على التبرع بعمله والمجانية ، بخلاف ما لو كان عالماً بالفساد وعدم استحقاقه للنصيب المعيَّن ، فإنه وبإقدامه بعد ذلك على العمل يكون مقدماً على التبرع بالعمل والمجانية.
إلّا أنك عرفت في مبحث الإجارة ، أنّ العلم بالفساد لا يعني إقدام العامل على العمل مجّاناً ، بل غاية ما يقتضيه هو العلم بعدم إمضاء الشارع المقدس للعقد وعدم استحقاقه للنصيب المعين ، وهو لا يعني التبرع بعمله والإقدام على المجّانية. ولذا يضمن كلٌّ من المتبايعين ما قبضاه بالعقد الفاسد ، حتى مع علمهما بالفساد.