.................................................................................................
______________________________________________________
المالك للزرع من دون دفع الأرش إلى العامل ضرراً عليه ، حيث يوجب ذهاب عمله أو هو مع البذر على تقدير كونه منه هدراً ، فيشمله دليل لا ضرر ، وهو حاكم على جميع الأدلّة بما في ذلك قاعدة السلطنة.
ومن هنا فليس للمالك إلزام العامل بقلع الزرع. لكنه حيث لا يذهب مال المسلم هدراً ، لم يجب على المالك إبقاؤه في أرضه مجاناً ، بل له مطالبة العامل بأُجرة الأرض في الفترة الباقية.
وبهذا فيكون العامل في الحقيقة بالخيار ، بين دفع اجرة مثل الأرض في الفترة الباقية للمالك ، وبين تنازله عن زرعه وقبوله لقلعه من غير أرش.
لكنك قد عرفت منّا عند التعرض لقاعدة «لا ضرر» أن نفي الضرر في الإسلام كنفي الحرج وسائر المنفيات والمرفوعات ، وارد مورد الامتنان على الأُمّة المرحومة. ومن هنا يجب أن يكون الحكم المنفي امتنانياً على جميع المكلفين على حدّ واحد لا البعض دون البعض الآخر ، فإنه لو كان في رفع الحكم امتنان على بعض وضرر على غيره لم يثبت ، لمنافاته للامتنان والتفضل من الشارع المقدّس.
وعليه ففي المقام حيث يكون منع المالك من التصرّف في أرضه والحجر عليه في ماله ضرراً عليه ، فلا يشمله المقام دليل نفي الضرر ، لمنافاته للامتنان.
ولو قلنا بشموله لمثل ذلك ، لوجب القول به فيما لو اشتبه أحد فزرع في أرض الغير خطأً ، ثمّ تبيّن له الحال ولم يرض المالك ببقائه في أرضه. والحال أنه لا يمكن الالتزام في هذه الصورة بلزوم إبقاء المالك لزرع الغير أو بنائه ، وانتفاء سلطنته على ماله.
بل وينبغي أن يقال به في صورة العمد والغصب أيضاً ، إذ في أمر المالك بالقلع ضرر على الغاصب ، وهو مرفوع في الشريعة المقدسة.
ودعوى أنّ الغاصب بفعله مقدم على الضرر ، لعلمه بغصبه وعدم جوازه له وحديث نفي الضرر لا يشمل موارد الإقدام عليه.
مدفوعة بأنّ الإقدام على الضرر إنما يكون فيما إذا كان فعل المكلف ضرراً بنفسه وقد أقدم عليه مع الالتفات إليه ، كما لو باع ماله الذي يسوى بمائة بعشرة مع التفاته إلى ذلك. فإنه لا يمكن الحكم حينئذ ببطلان هذه المعاملة ، أو ثبوت الخيار له ، تمسكاً