وإذا تبيّن كون البذر مغصوباً ، فالزرع لصاحبه (*) (١) وليس عليه أُجرة الأرض
______________________________________________________
لكنّنا قد ذكرنا في مبحث المكاسب أن هذه القاعدة وإن اشتهرت في ألسن الأصحاب وكلماتهم ، إلّا أنها مما لا أساس لها بالمرّة ، فإنّ أسباب الضمان معدودة محدودة وليس منها الغرور.
وكلمة «المغرور يرجع على من غرّ» لم ترد حتى في رواية ضعيفة فضلاً عن المعتبرة.
نعم ، قد يستند فيها إلى رواية محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نظر إلى امرأة فأعجبته ، فسأل عنها فقيل : هي ابنة فلان ، فأتى أباها فقال : زوّجني ابنتك ، فزوّجه غيرها فولدت منه ، فعلم بها بعد أنها غير ابنته وأنها أمة ، قال : «ترد الوليدة على مواليها والولد للرجل ، وعلى الذي زوّجه قيمة ثمن الولد يعطيه موالي الوليدة كما غر الرجل وخدعه» (١). حيث إنّ ظاهر التعليل كون التدليس موجباً للضمان.
إلّا أن هذه الرواية ، وإن عُبِّر عنها بالصحيحة في كلمات بعضهم ، ضعيفة السند بمحمد بن سنان حيث لم يثبت توثيق الرجل.
إذن فهي ساقطة عن الاعتبار ، ولا يمكن الاعتماد عليها في شيء. وحيث لا دليل غيرها على القاعدة ، فلا مجال للاستدلال بها.
(١) على ما تقتضيه قاعدة تبعية الحاصل للبذر.
إلّا أنه من غير الخفي أنه إنما يتمّ فيما إذا لم يطالب صاحب البذر الغاصب ببدل بذره التالف نتيجة للزرع ، فإنه له ذلك على ما تقتضيه قاعدة الضمان. وإلّا فالذي يغرم للمالك قيمة البذر ، يملك وبالسيرة القطعية البذر التالف قهراً ، على ما تقدّم بيانه غير مرّة. وحينئذٍ فيكون الزرع له دون صاحبه.
__________________
(*) هذا فيما إذا لم يؤدّ بدله.
(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب العيوب والتدليس ، ب ٧ ح ١.