نعم ، يمكن أن يقال : إنها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي. فكأنهما يتسالمان على أن تكون حصّة أحدهما من المال المشترك كذا مقداراً والبقية للآخر ، شبه القسمة أو نوع منها. وعلى ذلك يصحّ إيقاعها بعنوان الصلح على الوجه المذكور ، مع قطع النظر عن الأخبار أيضاً ، على الأقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض ، وعلى هذا لا يكون من التقبيل والتقبل.
ثمّ إنّ المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة ، بل يكفي كلّ لفظ دالّ على التقبل ، بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلاً ، فيكفي فيها مجرّد التراضي (*) (١) كما هو ظاهر الأخبار.
والظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل وإدراكه (٢) فلا يجوز قبل ذلك. والقدر المتيقن من الأخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك
______________________________________________________
العباءة بالكتاب مثلاً ، معاملة عقلائية وليست هي من البيع ، حيث لا يختص فيها نظر أحدهما إلى المالية والآخر إلى الخصوصية ، كي يعتبر الأوّل بائعاً والآخر مشترياً فإنّ نسبتها إليهما على حدّ سواء.
(١) مع وجود مبرز له في الخارج ، كي يتمّ معنى الإنشاء والعقد ، على ما بيّناه في محلّه من الأُصول.
(٢) لا لكونه مورد النصوص ، إذ قد عرفت أنّ الحكم على القاعدة ولا حاجة فيه إلى النص ، وإنما لاقتضاء القاعدة ذلك ، فإنّ صحة تقسيم المعدوم تحتاج إلى الدليل لأنه إنما يتعلق بأمر موجود بالفعل ، فلا أثر للتقسيم قبل تحقق العنوان ، وصدق كونه حنطة أو شعيراً أو غيرهما بلحاظ حال التحقق.
نعم ، لو فرضنا إرادتهما تقسيم الزرع الموجود بالفعل ، بناءً على ما اخترناه من كون مبدإ الشركة بينهما هو زمان تحقّق الزرع ، فلهما ذلك ، وتكون صحة القسمة على
__________________
(*) إذا كان له مبرز في الخارج.