بظهور الثمر وملكيتها وإن تلف بعد ذلك ، بأنّا نمنع (١) كون المساقاة معاوضة بين حصّة من الفائدة والعمل ، بل حقيقتها تسليط من المالك للعمل على الأُصول للاستنماء له وللمالك ، ويكفيه احتمال الثمر وكونها في معرض ذلك. ولذا لا يستحق العامل اجرة عمله (٢) إذا لم يخرج أو خرج وتلف بآفة سماوية أو أرضية في غير صورة ضمّ الضميمة ، بدعوى الكشف عن بطلانها من الأوّل واحترام عمل المسلم. فهي نظير المضاربة ، حيث إنها أيضاً تسليط على الدرهم أو الدينار للاسترباح له وللعامل ، وكونها جائزة دون المساقاة لا يكفي في الفرق.
كما إنّ ما ذكره في الجواهر من الفرق بينهما ، بأنّ في المساقاة يقصد المعاوضة
______________________________________________________
المتأخر.
(١) وهو في غير محلّه جدّاً. فإنه منافٍ لما أفاده (قدس سره) في تعريف المساقاة حيث فسّرها بأنها (معاملة على أُصول ثابتة بحصّة من ثمرها) فإنها ظاهرة في كون الحصّة عوضاً عن العمل في الأصل.
بل ويتنافى مع ما هو المرتكز في الأذهان من كون العمل في مقابل الحصّة ، وهي في مقابل العمل ، بحيث يكون عوضاً ومعوضاً ، وإن لم يكن هناك تمليك وتملك ومبادلة مال بمال فعلاً. إلّا أنّ ذلك لا يضرّ شيئاً ، ولذا لو سئل العامل أنه هل يعمل مجّاناً لأجاب بالنفي صريحاً.
ومما يدلّنا على ذلك الأخبار الواردة في المقام ، فإنّ ظاهر قوله في صحيحة يعقوب ابن شعيب : (اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرج) وقوله في صحيحة الحلبي الواردة في إعطاء النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) لخيبر : (أعطى خيبراً بالنصف) هو المعاوضة ، فإنكارها بعد ذلك يكون من إنكار الأمر الواضح.
ومما يدلّنا على ذلك ، حكمهم بعدم لزوم الإتمام على العامل ، فيما إذا ظهر ذلك قبل العمل أو في الأثناء.
(٢) ظهر الحال فيه مما تقدّم ، وأنّ عدم استحقاق العامل حينئذ شيئاً إنما هو لإقدامه على التبرع من غير جهة الحاصل ، بحيث أقدم على الفعل على أن لا يضمن