والأقوى الجواز (*) (١) سواء كان المراد ضمانها بمعنى التزام ردّها عيناً ومثلها أو
______________________________________________________
فإنّ أمره به يوجب الضمان ، إلّا أنّ التزامه به إنما هو عند عدم وصول حقّ المجعول له بعد العمل إليه ، ولا بأس بالالتزام بصحّته ، لبناء العقلاء وشمول عمومات الأمر بالوفاء بالعقود له.
إلّا أنّ هذا إنما يختص بضمان مال الجعالة بالمعنى الذي ذكرناه ، حيث إنه من العقود المتعارفة التي عليها بناء العقلاء. ولا يتمّ في مال السبق والرماية ، فإنهما وبحدّ ذاتهما من أظهر مصاديق القمار ، أكل المال بالباطل كما هو ظاهر ، وإنما صحّا بالدليل الخاص لبعض الاعتبارات الملزمة.
ومن هنا يجب الاقتصار في الحكم على مقدار دلالة الدليل عليه خاصّة ، والحكم فيما زاد عنه بالبطلان.
وحيث إن دليل صحّتهما إنما تضمن صحّتهما بالقياس إلى طرفي العقد ، صحّ أكل أحدهما لمال الآخر وإن كان بحسب القاعدة الأوّلية هو البطلان ، ويبقى الأجنبي الضامن الذي لا يعود العقد بالنفع عليه على كلّ تقدير ولا يرتبط به في شيء على القاعدة المقتضية للبطلان.
والحاصل أنّ ثبوت الضمان بالأمر فرع صحّة العمل المأمور به وإباحته. وحيث لا دليل عليها بالقياس إليه ، وإن كان صحيحاً بالقياس إلى طرفي العقد ، يتعين الرجوع إلى قاعدته الأوّلية المقتضية للبطلان ، من حيث كون العمل قماراً ، وأكل المال بإزائه أكلاً للمال بالباطل.
(١) بل الأقوى هو التفصيل ، فإنّ المنشأ من قبل الضامن
__________________
(*) الظاهر فيه التفصيل. فإنّ المنشأ إذا كان هو التعهّد الفعلي للعين المضمونة ليترتب عليه وجوب ردّها مع بقائها ودفع البدل عند تلفها ، فلا بأس به للعمومات ، ولا سيما أنه متعارف في الخارج. وإذا كان اشتغال الذمّة بالبدل فعلاً على تقدير تلفها واشتغال ذمّة الضامن الأوّل به متأخراً فهو واضح الفساد ، بل صحّته غير معقولة. وإذا كان اشتغال الذمّة بعد اشتغال ذمّة الضامن الأوّل به على نحو الواجب المشروط ، فصحته مبتنية على عدم اعتبار التنجيز. وبذلك يظهر الحال في ضمان الأعيان غير المضمونة.