.................................................................................................
______________________________________________________
تارة يكون هو الضمان المصطلح ، أعني التزامه لصاحب المال باشتغال ذمّته من الآن بالبدل ، فيما إذا تلفت العين بعد ذلك واشتغلت ذمّة المضمون عنه الغاصب أو القابض بالعقد الفاسد به.
وأُخرى يكون اشتغال ذمّته به على نحو الواجب المشروط ، أعني إنشاء الضمان المتأخر والمعلّق على التلف من الآن.
وثالثة يكون بمعنى كون المال في عهدته ، وكونه هو المسئول عن ردّه ما دام موجوداً ، وردّ بدله مثلاً أو قيمة عند تلفه. كما هو الحال في الغاصب نفسه ، فإنّ ضمانه ليس بمعنى وجوب ردّ بدله عليه بالفعل ، إذ العين ما دامت موجودة لا وجه لاشتغال ذمّته بالبدل ، بل هو بمعنى كونه مسؤولاً عن العين وكون العين في عهدته ، بحيث يجب عليه ردّها ما دامت موجودة وردّ بدلها عند تلفها.
والأوّل : باطل جزماً ، لكونه من ضمان ما لم يجب. وقد عرفت في المسألة السابقة أنّ بطلانه لا يحتاج إلى دليل خاصّ من نص أو إجماع ، فإنه من القضايا التي قياساتها معها. إذ لو لم تكن ذمّة المضمون عنه مشغولة بشيء بالفعل ، كما هو مفروض الكلام فأيّ شيء هو ينتقل بالضمان من ذمّته إلى ذمّة غيره؟
والثاني : وإن كان ممكناً في نفسه ، إلّا أنه محكوم بالبطلان قطعاً ، للإجماع على اشتراط التنجيز في الضمان وعدم صحّة التعليق فيه.
والثالث : وإن كان خارجاً عن الضمان بالمعنى المصطلح المبحوث عنه في المقام ، إذ لم تشتغل ذمّة أحد بالمال كي ينتقل إلى ذمّة غيره ، إلّا أنه لا مانع من الالتزام بصحّته لعمومات الأمر بالوفاء بالعقود ، بل وجريان السيرة العقلائية عليه خارجاً.
وعليه فيحكم على هذا النحو من الضمان بالصحّة واللزوم ، ومقتضاه ثبوت حقّ المطالبة للمضمون له من الضامن بالعين ما دامت موجودة وبالبدل إذا تلفت.
ثمّ إنّ هذا الضمان ليس من الضمان على مذهب العامة ، فإنه ليس من ضمّ ذمّة إلى ذمّة أُخرى ، إذ لا اشتغال للذمّة الاولى فضلاً عن الثانية كي تضمّ إليها. وإنما هو من