وكأنّ دعواه أنّ الحوالة ليست في حكم الأداء (*) إنما هي بالنظر إلى ما مرّ (١) من دعوى توقّف شغل ذمّة المحيل للمحال عليه على الأداء كما في الضمان فهي وإن كان كالأداء بالنسبة إلى المحيل والمحتال ، فبمجردها يحصل الوفاء وتبرأ ذمّة المحيل ، لكن بالنسبة إلى المحال عليه والمحيل ليس كذلك. وفيه منع التوقّف المذكور كما عرفت ، فلا فرق بين المقامين في كون الحوالة كالأداء ، فيتحقّق بها الوفاء.
______________________________________________________
الموكل في الأداء خاصّة مع بقاء الموكل هو مشغول الذمّة بالدَّين ، والحال أنه (رحمه الله) قد سلّم براءة ذمّة المولى المحيل بالتزامه باشتغال ذمّة العبد المحال عليه.
الثاني : إنه لا وجه للحكم باشتغال ذمّة العبد بالمال بعد الحكم بصحّة العتق وبطلان الكتابة مع التزام كون الحوالة توكيلاً ، إذ التوكيل إنما تعلق بالأداء من مال الكتابة ، والمفروض انتفاء موضوعه نظراً لبطلانها ، ومعه فلا مبرر لبقاء اشتغال الذمّة.
الثالث : لو سلّمنا اشتغال ذمّة العبد للمحتال من ماله الخاص ، نظراً لانتفاء موضوع مال الكتابة ، كان لازم ذلك الحكم بضمان السيد لما يغرمه وجواز رجوع العبد عليه بما أدّاه للمحتال ، وذلك للسيرة العقلائية القطعية على ضمان الآمر لما يغرّمه المأمور بسبب أمره ، فإنّ سبب خسران العبد للمال لما كان هو أمر المولى وحوالته عليه كان موجباً لرجوعه عليه به.
(١) وفيه : إنّ كلّاً من المسألتين أجنبية عن الأُخرى ولا ارتباط بينهما. فإنّ النزاع السابق إنما كان في الحوالة على البريء دون مشغول الذمّة ، وإلّا فقد عرفت عدم الخلاف في انتقال الدَّين من ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة ، وعدم جواز
__________________
(*) هذه الدعوى وإن كانت باطلة في نفسها لأنها تستلزم عدم براءة ذمة المحيل عن دين المحتال بمجرد الحوالة ، وهو خلاف المفروض إلّا أنها غير مبتنية على الدعوى الثانية ، فإنّ مورد الثانية هي الحوالة على البريء لا على المديون.