.................................................................................................
______________________________________________________
يتحقّق في موردين : ادعائه على غيره شيئاً من مال أو حق. أو اعترافه بثبوت حق لغيره عليه مع دعواه الأداء والوفاء ، كما لو أقرّ بدين لغيره على نفسه وادّعى الأداء فإنّ المطالب وإن كان هو المقرض ولو ترك ترك ، إلّا أنه لما اعترف الطرف الآخر به كان هو المدّعى والملزم بالإثبات لدى العقلاء.
ومن هنا فإن كان هذا من طَرف واحد فهو المدّعى ، والطرف الآخر هو المنكر. وإن كان من الطرفين ، بحيث يدّعي كلّ منهما على الآخر شيئاً وهو ينكره ، فهو التداعي ، فيلزم كلّ منهما ببناء العقلاء بإثبات ما يدعيه ، فلا بدّ من التحالف. فإن حلفا سقطت كلتا الدعويين ، وإلّا فدعوى الذي لم يحلف خاصة.
هذا كله بحسب كبرى المسألة. وأما بلحاظ تطبيقها على المقام ، فقد يفرض أن المالك يدّعي القرض والعامل يدّعي المضاربة الفاسدة ، وكانت المعاملة خاسرة ، فبناءً على ما تقدّم منه (قدس سره) من استحقاق العامل لُاجرة المثل في المضاربة الفاسدة مطلقاً وإن ناقشنا فيه على تفصيل تقدّم فهو من مصاديق التداعي ، حيث يطالب كلّ منهما الآخر بشيء. فالمالك يدّعي القرض ويطالب العامل بتمام المال من دون أن يتحمل شيئاً من الخسارة ، والعامل يدّعي المضاربة الفاسدة ويطالب المالك بأُجرة مثل عمله ، فيتحالفان لا محالة.
وأما لو انعكس الأمر بأن كانت التجارة مربحة ، والمالك يدّعي المضاربة الفاسدة كي يكون تمام الربح له ، والعامل يدّعي القرض ليحرمه منه ، فليس المورد من التداعي في شيء. وذلك لأنّ المالك بدعواه المضاربة الفاسدة لا يطالب العامل بشيء كي يكون عليه إثباته ، وإنما يكفيه عدم ثبوت ما يدّعيه العامل ، لأنّ انتقال الربح التابع لرأس المال قهراً إلى العامل بالقرض هو الذي يحتاج إلى الإثبات ، فإن أثبته بالبيّنة كان الربح له ، وإلّا حلف المالك وأخذه بتمامه.
وبعبارة اخرى : إنّ المالك لا يحتاج في أخذ الربح إلى إثبات كون العقد مضاربة فاسدة ، فإنه لا يلزم العامل بشيء ، وإنما يطالبه بربح ماله بعد أن يثبت كونه قرضاً.
ومن هنا فالنماء له حتى ولو لم يدع المضاربة الفاسدة ، حيث يكفيه مجرّد إنكاره للقرض.