وكذا لو صلّى الظهر بزعم دخول الوقت ثمّ شكّ بعد الفراغ في الزوال ، فيحكم بصحّة صلاته السابقة ؛ لقاعدة الشكّ بعد الفراغ ، لكن لا يثبت بذلك دخول الوقت ؛ لما عرفت مرارا من عدم الاعتداد بالاصول المثبتة ، فله بعد أن علم أو ظنّ بالزوال الشروع في صلاة العصر ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأنّه لا يدخل وقتها إلّا بعد مضيّ مقدار أداء الظهر ، فإنّه يجب على هذا التقدير الصبر إلى أن يعلم أو يظنّ بمضيّ هذا المقدار من الزوال.
وبما ذكرنا ظهر ما في كلام صاحب المدارك حيث استدلّ على اختصاص الظهر من أوّل الوقت بمقدار أدائها : بأنّه لا معنى لوقت الفريضة إلّا ما جاز إيقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ، ولا ريب أنّ إيقاع العصر عند الزوال على سبيل العمد ممتنع ، وكذا مع النسيان على الأظهر ؛ لعدم الإتيان بالمأمور به على وجهه ، وانتفاء ما يدلّ على صحّته مع المخالفة ، وإذا امتنع وقوع العصر عند الزوال ، انتفى كون ذلك وقتا لها (١). انتهى.
وقد ظهر أيضا بما ذكرنا ضعف الاستشهاد لإرادة دخول الوقتين متعاقبين من الأخبار بما تضمّنته من قوله عليهالسلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) لما عرفت من عدم الملازمة بين الترتيب بين الصلاتين ـ كما هو مدلول هذه العبارة ـ وبين الترتيب بين وقتيهما.
نعم ، المتبادر من قول القائل : «إذا زالت الشمس دخل وقت العمل الكذائي» إرادة دخول وقته الفعلي الذي يجوز فيه ذلك الفعل ، فهو بمنزلة ما لو
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).