العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل» (١).
وقد اشتهر الاستدلال بهذه الرواية لمذهب المشهور ؛ لصراحتها في مدّعاهم ، فيقيّد بها إطلاق الأخبار المتقدّمة ، وضعف سندها مجبور بالشهرة.
وما يقال من أنّ التقييد فرع المكافئة من حيث السند ، وهي مفقودة ، مدفوع : بأنّه لا عبرة بالمرجّحات السنديّة ، مع إمكان الجمع بتقييد أو تخصيص أو ما جرى مجراهما من الجمع المقبول الذي يساعد عليه الفهم العرفي ، كما تقرّر في محلّه.
هذا ، ولكن عندي في هذا الجمع نظر ؛ لما أشرنا إليه آنفا من أنّ المتبادر من قول القائل : «إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر» أو «إذا انكسفت الشمس دخل وقت صلاة الكسوف» إلى غير ذلك من الأمثلة ليس إلّا إرادة الوقت الفعلي الذي يكون المكلّف مأمورا بإيقاع الصلاة فيه ، أي وقت الخروج عن عهدة التكليف بهذا الفعل ، لا الوقت الشأني الصالح لوقوع الفعل فيه صحيحا على سبيل الفرض.
وإنّما حملنا الأخبار المتقدّمة على إرادة هذا المعنى بالنسبة إلى صلاة العصر ؛ لما تضمّنته من قوله عليهالسلام : «إلّا أنّ هذه قبل هذه» (٢) وقد أشرنا فيما سبق إلى أنّ هذه الفقرة كما تدلّ على أنّ المراد بدخول وقت العصر بالزوال وقتها من حيث هو وإن لم يجز إيقاعها فيه بالفعل ، كذلك تدلّ بالملازمة العقليّة على أنّ أوّل الوقت وقت للخروج عن عهدة خصوص الظهر ، وأنّ الوقت المشترك ـ الذي
__________________
(١) تقدّم تخريجها في ص ٨٥ ، الهامش (١).
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٨٢ ، الهامش (٤).