هذا ، مع أنّه على تقدير أن يكون في اليوم الثاني آتيا بوقت آخر للمغرب ـ كما يستشعر من هذه الرواية ـ فلأجل قربه بالوقت الأوّل ومصادفته لوقت الفضيلة أو الاختيار الذي هو أوّل الوقتين المجعولين لكلّ صلاة نصّا وفتوى ، وكون مجموع الوقتين بمقدار أداء الفعل مع توابعه تقريبا ـ كما أشار إليه الكليني رحمهالله في عبارته المتقدّمة (١) ـ صحّ أن يقال : إنّ جبرئيل عليهالسلام أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله فجعل لكلّ صلاة وقتين إلّا المغرب.
والحاصل أنّه لا مانع عن حمل الأخبار المذكورة على إرادة الحصر الحقيقي بالتقريب المتقدّم ، ولا منافاة بينها وبينها وبين ما ذكره الأصحاب ودلّت عليه صحيحة ابن سنان ـ الآتية (٢) ـ من أنّ لكلّ صلاة وقتين ، سواء في ذلك المغرب وغيرها.
وبهذا ظهر لك الخدشة فيما ذكرناه من الاستدلال بهذه الأخبار لجواز تأخير سائر الصلوات اختيارا إلى الوقت الأخير المجعول لكلّ صلاة.
نعم ، يتّجه الاستدلال له بأخبار نزول جبرئيل عليهالسلام بالأوقات ، فإنّها تدلّ على أنّ مجيء جبرئيل عليهالسلام في اليوم الثاني في وقت مغاير للوقت الأوّل إنّما هو لبيان توسعة الوقت وجواز فعل الصلوات في الأوقات التي أتاه في الغد ، وقد أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بفعلها بعد مجيئه في الوقت الأخير في حال لم يكن النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ بحسب الظاهر ـ مضطرّا في التأخير ولا مريضا أو مسافرا أو نحو ذلك حتّى يكون مجيئه في تلك الحالة لبيان كون وقت مجيئه وقتا لها عند الضرورة.
__________________
(١) في ص ١٦٠.
(٢) في ص ١٧٤.