وأمّا روايتا (١) ابن سنان ـ المرويّتان عن التهذيب والكافي ـ وإن كان ظاهر ذيلهما ـ وهو قوله عليهالسلام : «وليس لأحد أن يجعل» إلى آخره ـ عدم جواز التأخير لا لعذر ، لكن ظاهر صدرهما خلافه ؛ فإنّ قضيّة أفضليّة أوّل الوقتين مشاركة الوقت الأخير له في أصل الفضيلة ، وكون التقديم مستحبّا ، ولذا استدلّ غير واحد بهذه الفقرة للمشهور.
وما عن بعض (٢) من الخدشة في دلالة الأفضليّة على ذلك : بدعوى أنّ التكاليف الاختياريّة أفضل من تكاليف اولي الأعذار ، ممّا لا ينبغي الالتفات إليه.
نعم ، بناء على أن يكون مراد القائلين بكون الوقت الأخير لاولي الأعذار عدم جواز التأخير اختيارا ، لا صيرورتها قضاء بحيث يعامل معها معاملة الفوائت ـ كما صرّح به بعضهم (٣) على وجه يظهر منه كونه من المسلّمات ـ يمكن الخدشة فيما ذكر في تقريب الاستدلال ـ من أنّ قضيّة الأفضليّة مشاركة الوقتين في أصل الفضيلة ـ : بأنّ المشاركة في الفضيلة لا تنافي وجوب المسابقة إلى الأفضل وحرمة تفويت ما فيه من المزيّة ، فالخصم لا ينكر مشاركة الوقتين في أصل الفضيلة ، ولذا أوجب اختيار الوقت الأخير على تقدير تفويت الأفضل.
فالأولى أن يقال في تقريب الاستدلال : إنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «إنّ لكلّ صلاة وقتين وأوّل الوقتين أفضلهما» (٤) ـ على ما يتبادر منه عرفا ـ ليس إلّا استحباب
__________________
(١) تقدّمتا في ص ١٧٤ و ١٧٥.
(٢) راجع : الوافي ٧ : ٢١٠.
(٣) لم نتحقّقه.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٧٥ ، الهامش (١).