وأمّا سائر الروايات التي استشهد بها : فلا يخفى ما فيها على من تأمّلها ؛ فإنّ مفادها ليس إلّا كراهة التأخير واستحباب فعل الصلاة في أوّل وقتها.
وأمّا العبائر التي نقلها عن الفقه الرضوي : فهي ـ مع عدم حجّيّتها في نفسها ـ قابلة للحمل على الكراهة ، كما يؤيّدها بل يعيّنها ما في ذيل بعض فقراتها المتقدّمة (١) ـ الذي حكاه عنه في الحدائق في ذيل المبحث ، وأسقطه في هذا المقام ـ فإنّه حكى عنه في آخر المبحث أنّه قال : «وإنّما جعل آخر الوقت للمعلول ، فصار آخر الوقت رخصة للضعيف لحال علّته ونفسه وماله ، وهي رحمة للقوي والفارغ لعلّة الضعيف والمعلول» (٢).
وهذه العبارة كما تراها كالتصريح بأنّ الرخصة عمّت القويّ والفارغ ، فصارت رحمة لهما بواسطة الضعيف والمعلول.
ثمّ لو سلّمت تماميّة الاستدلال بجميع ما ذكر وظهورها في مدّعاه ، فهي ليست قابلة لمعارضة الأخبار المتقدّمة وغيرها ممّا سيأتي ، أو صرفها عن ظاهرها ، مع ما في بعضها من التصريح بكون المخاطب مرخّصا في التأخير إلى آخر الوقت ، كما هو واضح.
وبهذا ظهر لك عدم صحّة الاستدلال لعدم جواز التأخير عن الوقت الأوّل في خصوص صلاة المغرب : بالأخبار المتقدّمة التي استشهدنا بها على بقاء وقتها في الجملة بعد غيبوبة الشفق حيث يستشعر من جملة منها بل يستظهر من بعضها اختصاص ذلك بالمسافر ونحوه من اولي الأعذار ، فإنّها لا تصلح لمعارضة
__________________
(١) في ص ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٢) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليهالسلام : ٧٥ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٩٨.