فالإنصاف أنّ الحكم موقع تردّد وإن كان الأظهر ما ذهب إليه المشهور من وجوب أداء الصلاتين فيما إذا طهرت قبل آخر الوقت بمقدار أدائهما مع الطهارة ؛ لغلبة الظنّ بأنّ الأخبار المنافية له صادرة عن علّة ، فيشكل رفع اليد بمثل هذه الأخبار عن ظواهر النصوص المتقدّمة المعتضدة بالقاعدة ـ التي لعلّها هي عمدة مستند المشهور ، التي قرّرناها في مبحث الحيض ـ من أنّ مقتضى الأصل المتلقّى من الشارع ، المستفاد من تتبّع النصوص والفتاوى إنّما هو وجوب الإتيان بالصلوات المفروضة ولو في خارج الوقت على تقدير فوتها في الوقت حتّى مع عدم تنجّز التكليف بها أداء لمانع عقليّ أو شرعيّ فضلا عمّا لو تمكّن من الإتيان بها في الوقت جامعة لشرائطها ، وإنّما رفعت اليد عن هذه القاعدة في الحائض ؛ للنصوص الخاصّة الدالّة عليه ، المنصرفة عمّا لو أدركت من أوّل الوقت أو آخره بمقدار يسع فعل الطهارة والصلاة.
وأمّا النصوص المتقدّمة فهي ـ مع وهنها بما عرفت ، ومعارضتها بما سمعت ـ لا تنهض مخصّصة لهذه القاعدة ، فلا ينبغي الاستشكال في وجوب أداء الصلاتين في الفرض مع أنّه أحوط.
ويلحق بذلك ما إذا أدركت من الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة ، فلو رأت الطهر قبل الغروب وهي قادرة على أن تتطهّر وتصلّي خمس ركعات ، وجب عليها أداء الصلاتين ؛ لما ستعرف من أنّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت كلّه ، والعبرة بقدرتها على الطهارة المائيّة ، فإنّ أخبار الباب كفتاوي الأصحاب ـ على ما صرّح به بعضهم ـ ناطقة بذلك.