الكثيرة الواردة في المواقيت ، بل لأنّ أوقات الصلوات الخمس ـ على ما يظهر من جملة من الأخبار ويساعد عليه الاعتبار ـ كانت في الأصل خمسة ، ولكنّ الشارع عمّم أوقاتها ، فجعل الظهرين مشتركتين في وقتهما ، والعشاءين كذلك ، توسعة على العباد وإرفاقا بهم ، وهذا لا يقتضي إلّا التعميم في وقت الأداء ، لا وقت الوجوب ، الذي هو في حدّ ذاته من الأسباب المقتضية لحسن الفعل ، فلعلّ الوقت الأصلي لصلاة الظهر ـ الذي كان سببا لوجوبها ـ لم يكن إلّا أربعة أقدام من الزوال ، التي هي أفضل أوقات أدائها ، فمتى طهرت الحائض بعد مضيّها فقد خرج وقت صلاتها الأصلي الذي كان مقتضيا للوجوب ، فلم يجب عليها الفعل ، ولكنّه يستحبّ رعاية لحقّ وقتها الثانوي الحاصل لها من باب التوسعة.
والحاصل أنّ القول بامتداد وقت الظهرين إلى الغروب لا يستلزم طرح مثل هذه الأخبار على تقدير جامعيّتها لشرائط الحجّيّة ، فالإشكال في المقام إنّما هو في جواز العمل بتلك الروايات مع وهنها بما سمعت ، واعتضاد ظاهر الأخبار الآمرة بالفعل بالشهرة ، وإن لا يخلو هذا أيضا عن تأمّل ؛ فإنّ ما تضمّنته هذه الروايات من امتداد وقت العشاءين إلى طلوع الفجر مخالف لظاهر غيرها من النصوص والفتاوى المعتضدة بموافقة الكتاب ومخالفة العامّة ، ولذا حمله غير واحد على التقيّة ، أو على الاستحباب ، وهذا وإن لم يسقطها عن الحجّيّة في غير مورد المخالفة ، بل ستعرف قوّة القول بمضمونها في العشاءين أيضا ، ولكنّه يوهنها ، فيشكل ترجيحها على تلك الأخبار التي لا قصور فيها بحسب الظاهر إلّا من هذه الجهة.