وخبر سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «لا بأس بصلاة الليل من أوّل الليل إلى آخره إلّا أنّ أفضل ذلك إذا انتصف الليل» (١).
أقول : أمّا الرواية الأخيرة : فيحتمل قويّا أن يكون المراد بها كون ما بعد الانتصاف أفضل ممّا قبله ، وظاهرها كون مجموع الليل وقتا لصلاتها ، وسيأتي الكلام فيه.
وأمّا المكاتبة : فهي ـ مع ضعف سندها وإضمارها ـ معارضة بالمستفيضة المتقدّمة حيث إنّ ظاهرها كون زوال الليل أفضل أوقات صلاة الليل مطلقا ، فلا ينبغي الالتفات إليها بعد مخالفتها لفتاوي الأصحاب ومعارضتها بما سمعت.
نعم ، ربّما يؤيّد هذا التفصيل ـ أي استحباب تأخير خصوص الوتر بمعناه الأعمّ من الشفع إلى قريب الفجر ـ بعض الأخبار الحاكية لفعل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
كصحيحة معاوية بن وهب ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول ـ وذكر صلاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال ـ : «كان يؤتى بطهور فيخمّر (٢) عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه ثمّ ينام ما شاء الله ، فإذا استيقظ جلس ثمّ قلّب بصره في السماء ثمّ تلا الآيات من آل عمران (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣) الآية ، ثمّ يستنّ ويتطهّر ثمّ يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه ، وسجوده على قدر ركوعه ، يركع حتّى يقال : متى يرفع رأسه؟ ويسجد حتّى يقال : متى يرفع رأسه؟ ثمّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٣٧ / ١٣٩٤ ، الوسائل ، الباب ٤٤ من أبواب المواقيت ، ذيل ح ٩.
(٢) التخمير : التغطية. ومنه : ركو مخمّر. أي : مغطّى. مجمع البحرين ٣ : ٢٩٢ «خمر».
(٣) آل عمران ٣ : ١٩٠.