وكيف كان فهذه الأخبار بأسرها تدلّ على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يشرع في صلاة الليل ويأتي بها في الجملة بعد انتصافه. وفي بعض الأخبار المتقدّمة (١) أنّ عليّا عليهالسلام أيضا كان كذلك.
وهذا يؤيّد ما ذكره في المدارك (٢) وينافي ما أطلقه الأصحاب من أنّه كلّما قرب إلى الفجر كان أفضل ، بل مقتضى الصحيحتين الأخيرتين : استحباب التفريق والإتيان بها في ثلاثة أوقات ، كما ذهب إليه ابن الجنيد ـ على ما حكاه عنه في المدارك (٣) ـ مستدلّا عليه بقوله تعالى (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ) (٤) وبصحيحة معاوية بن وهب ، المتقدّمة (٥).
وما قيل في رفع التنافي بين الأخبار الحاكية لفعل النبيّ صلىاللهعليهوآله وبين ما دلّ على أفضليّة آخر الوقت من أنّ استحباب التفريق من خصائص النبيّ صلىاللهعليهوآله (٦) ، ففيه ـ مضافا إلى بعده في حدّ ذاته ، وشهادة بعض الأخبار المتقدّمة (٧) بأنّ الوصي عليهالسلام أيضا كان يأتي بنافلة الليل في الجملة بعد الانتصاف ، ويأتي بالوتر في آخر الليل ـ أنّ ما في ذيل رواية (٨) الحلبي من الحثّ على التأسّي
__________________
(١) في ص ٢٣٦.
(٢) مدارك الأحكام ٣ : ٧٦.
(٣) مدارك الأحكام ٣ : ٧٧ ، وحكاه عنه أيضا العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٣٣٦ ، المسألة ٢٢٨.
(٤) طه ٢٠ : ١٣٠.
(٥) في ص ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٦) كما في جواهر الكلام ٧ : ٢٠٥.
(٧) في ص ٢٣٦ و ٢٥٧ ـ ٢٥٨.
(٨) تقدّمت الرواية في ص ٢٦٠.