عدا أنّه اعتبر الشارع في بعض المقامات شهادة الأربعة أو رجلين أو غير ذلك من الخصوصيّات ، ولم يوجد مورد أهملها رأسا (١) ، بل قد عرفت أنّ الأقوى كفاية عدل واحد بل مطلق الثقة في غير مورد الخصومات وما يتعلّق بالدعاوي ، كما فيما نحن فيه ونظائره ؛ لاستقرار سيرة العقلاء على التعويل على إخبار الثقات في الأمور الحسّيّة ممّا يتعلّق بمعاشهم ومعادهم ، وإمضاء الشارع لذلك (٢) ، كما يشهد بذلك التدبّر في الأخبار الدالّة على حجّيّة خبر الواحد وغيرها ممّا تقدّمت (٣) الإشارة إليها.
ويؤيّده في خصوص المورد : ما عن الصدوق في العيون بإسناده عن أحمد ابن عبد الله القروي (٤) عن أبيه ، قال : دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح ، فقال : أدن منّي ، فدنوت منه حتّى حاذيته ، ثمّ قال لي : أشرف إلى البيت في الدار ، فأشرفت ، فقال : ما ترى؟ قلت : ثوبا مطروحا ، فقال : انظر حسنا ، فتأمّلته ونظرت فتيقّنت ، فقلت : رجل ساجد ، إلى أن قال : فقال : هذا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهالسلام ، إنّي أتفقّده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلّا على الحالة التي أخبرك بها ، إنّه يصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ثمّ يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتّى تزول الشمس وقد وكلّ من يرصد (٥) له الزوال ، فلست أدري متى يقول له الغلام : قد زالت الشمس ، إذ وثب
__________________
(١) راجع : ج ٨ ، ص ١٦٦.
(٢) راجع : ج ٨ ، ص ١٦٨ ـ ١٧٠.
(٣) في ج ٨ ، ص ١٦٩.
(٤) في العيون : «الغروي» بالغين. وفي الوسائل بدلها : «القزويني».
(٥) في المصدر والوسائل : «يترصّد».