«إنّهم الأمناء» (١) وهذان الخبران أيضا لو لم نقل بانصراف إطلاقهما إلى من كان من شأنه الاستئمان ـ بأن يكون في حدّ ذاته أمينا في الإخبار بالوقت ، كما لعلّه الغالب في المؤذّنين في عصر الأئمّة عليهمالسلام ـ لتعيّن صرفه إلى ذلك ؛ جمعا بينه وبين صحيحة (٢) ذريح ، الدالّة ـ بمقتضى التعليل الواقع فيها ـ على عدم جواز الاعتماد على مطلق الأذان ، وخبر عليّ بن جعفر ـ المتقدّم (٣) في صدر المبحث ـ الذي وقع فيه التصريح بأنّ سماع الأذان لا يجزئ حتّى يعلم أنّه طلع الفجر.
هذا ، مع ضعف الخبرين سندا ، وعدم نهوضهما حجّة لإثبات حكم مخالف للقواعد الشرعيّة.
ثمّ إنّ مقتضى ترك الاستفصال في خبر عليّ بن جعفر ـ المتقدّم (٤) ـ مع إطلاق الجواب بأنّه لا يجزئ حتى يعلم : عدم جواز التعويل على الأذان مطلقا وإن كان المؤذّن ثقة عارفا بالوقت ، لكن لا بدّ من صرفه عن ذلك ؛ جمعا بينه وبين الصحيحة (٥) وغيرها ممّا هو نصّ في جواز التعويل على أذان الثقة ، بل هو في حدّ ذاته منصرف عن ذلك ؛ فإنّ المتبادر من قول السائل : «في الرجل يسمع الأذان» (٦) إرادة مجرّد سماع الأذان من غير أن يميّز شخص المؤذّن فضلا عن أن يعرفه بالوثاقة ، فلا يعمّ إطلاق الجواب ما لو عرف المؤذّن وعلم أنّه شديد المواظبة على الوقت وأنّه بحسب عادته لا يؤذّن إلّا بعد الوقت.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٧٢ ، الهامش (٢).
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٣٧١ ، الهامش (١).
(٣) في ص ٣٦٦.
(٤) في ص ٣٦٦.
(٥) أي : صحيحة المحاربي ، المتقدّمة في ص ٣٧١.
(٦) راجع ص ٣٦٦.