بل نقول : إنّه لا شبهة في أنّ الشارع وسّع في وقت الصلاة ، ورخّص عباده في إيقاعها في أيّ جزء من أجزاء الوقت ، ولا شبهة في أنّ فعلها في أوّل الوقت من حيث هو أفضل ، حتّى أنّه ورد فيه أنّ «فضل الوقت الأوّل على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا» (١) وإيقاعها في آخر الوقت من حيث هو مكروه كراهة شديدة بحيث ظنّ غير واحد حرمته ، وروي فيه أنّه تضييع للصلاة (٢) ، وأنّ الصلاة في آخر الوقت تدعو على المصلّي وتقول : ضيّعتني ضيّعك الله (٣) ، والمسارعة إلى فعلها من أوّل الوقت إلى آخره أبدا أفضل من تأخيرها بلا شبهة.
هذا هو حالها بحسب الوقت من حيث هو ولم يستثن منه صورة أصلا إن أريد بوقت العشاء والعصر وقتهما الأصلي الذي نزل به جبرئيل عليهالسلام على رسول الله صلىاللهعليهوآله على ما نطق به الأخبار الواردة في نزول الأوقات على تردّد في الأولى ؛ نظرا إلى ما يستشعر أو يستظهر من بعض الأخبار من استحباب تأخير العشاء عن أوّل وقت فضيلتها أيضا ، مثل : قوله صلىاللهعليهوآله في بعض الروايات : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل ، أو : إلى نصف الليل» (٤).
وإن أريد به مطلق الوقت الذي يجوز إيقاع الصلاة فيه ، فهو مخصّص
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧٤ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٤٠ ـ ٤١ / ١٢٩ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب المواقيت ، ح ١٥.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٦ / ٧٤ ، الاستبصار ١ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ / ٩٢٦ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب المواقيت ، ح ٣٢.
(٣) الأمالي ـ للصدوق ـ : ٢١١ ـ ٢١٢ (المجلس ٤٤) ح ١٠ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب المواقيت ، ح ١٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٦١ ـ ٢٦٢ / ١٠٤١ ، الاستبصار ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ / ٩٨٦ ، علل الشرائع : ٣٤٠ (الباب ٤٠) ح ١ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب المواقيت ، ح ٢ و ٥.