الخلافة وغيرها ، مثل وصف المسلمين بقوله تعالى : ( وَأمْرُهُمْ شورى بَينَهُمْ ) (١) وكذلك لم يرد في السنّة بيان نظام لانتخاب الخليفة ، إلا بعض نصائح تبعد عن الاختلاف والتفرّق ، كأنَّ الشريعة أرادت أن تكل هذا الأمر للمسلمين حتى يحلّوه بأنفسهم ، ولو لم يكن الأمر كذلك لمهّدت قواعده واُوضحت سبله ، كما اُوضحت سبل الصلاة والصيام (٢).
إنّ ما ذكره الخضري لا يسمن ولا يغني من جوع لأنّ الحكومة بعد النبي الأكرم كانت من عظائم الاُمور فلا يخطر ببال أحد أن يكتفي الرسول بجميع تفاصيلها وخصوصياتها التي لم تمارسها الاُمّة ولا ذاقتها طوال حياته بآية الشورى وهذا أشبه بالاكتفاء في اقامة الصلاة بالمجاملات الواردة في نص الكتاب.
« كيف يخطر ببال أحد أن يهمل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم القيادة السياسية للدولة الاسلامية التي أسّسها ، وثبّت عناصرها ومرتكزاتها ، فلم يضع قاعدة معيّنة للخلافة كما زعموا ، مع العلم بأنّ القيادة بالنسبة للدولة كالرأس من الجسد ، وكالقلب من سائر الأعضاء والجوارج , أيهمل القيادة والرئاسة للدولة ، ولا يتكلّم عنها بنفي أو اثبات؟ أيهملها ويتركها نهباً لأصحاب المطامع ، والمطامح , والأهواء ، ولشهوات أصحاب القوّة والفساد في الأرض؟ فتعود بذلك بعد موته ، الجاهلية ، وعبادة الطواغيت ، بعد أن عان وأصحابه ما عانوا من متاعب ، ومشقّات ، وما قدّموه من تضحيات غالية وعزيزة للخلاص من أوبائها وتحرير العباد من فحشائها؟ أيتركها لتكون سبباً لإراقة الدماء وازهاق الأرواح؟ وهو المرسل رحمة لا نقمة للعالمين ، ونوراً وهدىً للحائرين والضالّين.
__________________
١ ـ الشورى / ٣٨.
٢ ـ محاضرات في تاريخ الاُمم الاسلامية ٢ / ١٦١.