البعيدة » (١).
وقد خطب بها الامام لمّا قبض رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة. وذلك بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر في السقيفة ، فيشير الامام إلى ما لديه من العلم المكنون ، وهو إشارة إلى الوصيّة التي خصّ بها عليهالسلام وانّه كان من جملتها الأمر بترك النزاع في مبدأ الاختلاف عليه (٢).
وقد أوضح ما ذكره مجملاً في هذه الخطبة التي ألقاها بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بخطبته التي ألقاها بعد رجوع الناس إليه وصرّح ـ بأنّ لمسالمته الخلفاء لأجل أخطار كانت تحدق بالمسلمين بعد موت النبيّ ، فقال عليهالسلام : « إنّ اللّه سبحانه بعث محمّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم نذيراً للعالمين ، ومهيمناً على المرسلين ، فلمّا مضى عليهالسلام ، تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو اللّه ما كان يلقى في روعي ، ولا يخطر ببالي ، أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته ، ولا أنّهم مُنحّوه عنّي من بعده! فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام ، يدعون إلى محق دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً ، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولا يتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل ، يزول منها ما كان ، كما يزول السراب ، أو كما يتقشّع السحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٥.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢١٥.