أن أذكر نصَّه حتى يمعن فيه أبناء جلدته وأتباع طريقته قال :
أنّ اللّه تعالى أمر بطاعة اُولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية ، ومن أمر اللّه بطاعته على سبيل الجزم والقطع ، لابد وأن يكون معصوماً عن الخطأ إذ لو لم يكن معصوماً عن الخطأ ، كان بتقدير أقدامه على الخطأ يكون قد أمر اللّه بمتابعته ، فيكون ذلك أمراً بفعل ذلك الخطأ ، والخطأ لكونه خطأ منهى عنه ، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد ، وأنّه محال ، فثبت أنّ اللّه تعالى أمر بطاعة اُولي الأمر على سبيل الجزم ، وثبت أنّ كل من أمر اللّه بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوماً عن الخطأ ، فثبت قطعاً أنّ اُولي الأمر المذكور في هذه الآية لابد وأن يكون معصوماً (١).
ولمّا وقف الرازي على تمايمة دلالة الآية على عصمة اُولي الأمر ، وهي لا توافق مذهبه في الامامة حاول أن يؤول الآية بما يوافقه مع أنّ الواجب على أمثاله.
أن يتعرّف على « اُولي الأمر » الذي استظهر من الآية كونهم معصومين ، ولكنّه زلّت قدمه ، ولم يستغل هذه الفكرة ، ولم يستثمرها ، فأخذ يتهرّب من تنائج الفكرة بالقول بأنّا عاجزون عن معرفة الامام المعصوم ، عاجزون عن الوصول إليه ، عاجزون عن استفاده الدين والعلم منه ، فاذا كان الأمر كذلك ، فالمراد ليس بعضاً من أبعاض الاُمّة ، بل المراد هو أهل الحل والعقد من الاُمّة.
يلاحظ عليه : بأنّه إذا دلّت الآية على عصمة اُولي الأمر فيجب علينا التعرّف عليهم ، وادّعاء العجز ، هروب من الحقيقة فهل العجز يختص بزمانه أو كان يشمل زمان نزول الآية ، لا أظن أن يقول الرازي بالثاني فعليه أن يتعرّف على المعصوم في زمان النبيّ وعصر نزول الآية ، فبالتعرّف عليهم ، يعرف معصوم زمانه ، حلقة بعد
__________________
١ ـ مفاتيح الغيب ١٠ / ١٤٤.