اُخرى ، ولا يعقل أن يأمر الوحي الإلهي باطاعة المعصوم ثم لا يقوم بتعريفه حين النزول ، فلو آمن الرازي بدلالة الآية على عصمة اُولي الأمر ، لكان عليه أن يؤمن بقيام الوحي الإلهي على تعريفهم بلسان النبي الأكرم.
إذ لا معنى أن يأمر اللّه سبحانه باطاعة المعصوم ، ولا يقوم بتعريفه.
ثمّ إنّ تفسير « اُولي الأمر » بأهل الحل والعقد ، تفسير للغامض ـ حسب نظر الرازي ـ بالأغمض إذ هو ليس بأوضح من الأول ، فهل المراد منهم : العساكر والضباط ، أو العلماء والمحدّثون ، أو الحكام والسياسيون أو الكل. وهل اتّفق اجماعهم على شيء ، ولم يخالفهم لفيف من المسلمين.
إذا كانت العصمة ثابتة للاُمّة عند الرازي كما علمت ، فهناك من يرى العصمة لجماعة من الاُمّة كالقراء والفقهاء والمحدّثين ، هذا هو ابن تيمية يقول ي ردّه على الشيعة عند قولهم : انّ وجود الامام المعصوم لابدّ منه بعد موت النبي يكون حافظاً للشريعة ومبيّناً أحكامها خصوصاً أحكام الموضوعات المتجدّدة ، يقول : إنّ أهل السنّة لا يسلمون أن يكون الامام حافظاً للشرع بعد انقطاع الوحي ، وذلك لأنّ ذلك حاصل للمجموع ، والشرع إذا نقله أهل التواتر كان ذلك خيراً من نقل الواحد ، فالقرّاء معصومون في حفظ القرآن وتبليغه ، والمحدّثون معصومون في حفظ الأحاديث وتبليغها ، والفقهاء معصومون في الكلام والاستدلال (١).
يلاحظ عليه : كيف يدّعي العصمة لهذه الطوائف مع أنّهم غارقين في الاختلاف في القراءة والتفسير ، والحديث والأثر ، والحكم والفتوى ، والعقيدة والنظر. ولو أغمضنا عن ذلك فما الدليل على عصمة تلكم الطوائف خصوصاً على قول القائل بأنّ القول بالعصمة تسرّب من اليهود إلى الأوساط الاسلامية.
__________________
١ ـ ابن تيمية : منهاج السنّة كما في نظرية الامامية ١٢٠.