إنّ الإمام أسند الحديث إلى النبيّ الأكرم ولعلّ السبط ابن الجوزي زعم انّه مختص بهذا المورد ، ولكن الحقيقة غير ذلك ، فإنّ أحاديث أئمّة أهل البيت مروية كلها عن النبىّ الأكرم ، فهم لا يروون في مجال الفقه والتفسير والأخلاق والدعاء إلاّ ما وصل إليهم عن النبىّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم عن طريق آبائهم وأجدادهم ، ومروياتهم لا تعبّر عن آرائهم الشخصية ، فمن قال بذلك وتصوّر كونهم مجتهدين مستنبطين ، فقد قاسهم بالآخرين ممّن يعتمدون على آرائهم الشخصية وهو في قياسه خاطئ ، فهم منذ نعومة أظفار هم إلى أن لبّوا دعوة ربّهم لم يختلفوا إلى أندية الدروس ، ولم يحضروا مجلس أحد من العلماء ولا تعلّموا شيئاً من غير آبائهم فما يذكرونه من علوم ورثوها من رسول اللّه وراثة غيبية لا يعلم كنهه إلاّ اللّه سبحانه والراسخون في العلم.
وهذا جابر الجعفي ، قال : قلت لأبي جعفر الباقر عليهالسلام : إذا حدّثتني بحديث فأسنده لك؟ فقال : حدّثني أبي عن جدّي عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن جبرئيل عن اللّه تبارك وتعالى ، فكل ما اُحدثك بهذا الإسناد. ثمّ قال : لحديث واحد تأخذه من صادق عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها (١).
وروى حفص ابن البختري ، قال : قلت لأبي عبداللّه الصادق عليهالسلام : أسمع الحديث منك فلا أدري منك سماعه أو من أبيك؟ فقال : ما سمعته منّي فاروه عن أبي ، وما سمعته منّي فاروه عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
فأئمة المسلمين على حد قول القائل :
__________________
١ ـ الحر العاملي : وسائل الشيعة ج ١٨ ، الباب الثامن من أبواب صفات القاضي الحديث ٦٧.
٢ ـ المصدر نفسه ، الحديث ٨٦.