حتّى أكمل اللّه الدين وأتمّ النعمة ، جرياً منه صلىاللهعليهوآلهوسلم على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشق عليهم (١).
وهناك وجه ثالث أشار إليه الشيخ الطبرسي في تفسير الآية ، وهوأنّ النكتة في اطلاق لفظ الجمع على أمير المؤمنين ، تفخيمه وتعظيمه ، وذلك أنّ أهل اللغة يعبّرون بلفظ الجمع عن الواحد على سبيل التعظيم ، وذلك أشهر في كلامهم من أن يحتاج إلى الاستدلال عليه (٢).
٧ ـ إنّما ذكر من صفات الولي من الذين آمنوا إقامة الصلاة ، وايتاء الزكاة ، لأنّهما ركنان عظيمان للإسلام ووظيفتان رئيسيتان للقائد ، وهوأن يقيم الصلاة ( لا أن يصلّي وحده ) ويؤتي الزكاة.
وعلى كل تقدير فتقييد الولي من المؤمنين بالاُوصاف الثلاثة ، وتقييد إيتاء الزكاة بحال الركوع يجعل الكلّي مخصّصاً في فرد واحد ، وهومثل قولك : « رأيت رجلاً سلّم عليّ أمس قبل كل أحد » وهووإن كان كلّياً قابلاً للانطباق على كثيرين قبل التطبيق ، لكنّه بعده ينحصر في فرد.
ثمّ إنّ إمام المشكّكين فخر الدين الرازي استشكل على الاستدلال بالآية بوجوه رديئة ساقطة نذكر بعضها ونترك الباقي صيانة للوقت عن الضياع ، ولعلّه لأجل هذه التشكيكات لمّا دنا أجله أملى على تلميذه إبراهيم بن أبي بكر الاصفهاني وصيّة في الحادي والعشرين من محرّم سنة ٦٠٦ ، وجاء في الوصيّة قوله : فاعلموا أنّي كنت رجلا محبّاً للعلم ، فكنت أكتب في كل شيء شيئاً لا أقف على كمّيته وكيفيته ،
__________________
١ ـ المراجعات ١٤٦.
٢ ـ مجمع البيان ٢ / ٢١١.