سواء أكان حقّاً أو باطلا أو غثّاً أو سميناً ... (١).
ألف ـ إنّ المراد من الولي في الآية ليس هو المتصرّف ، بل المراد الناصر والمحب ، بشهادة ما قبلها وما بعدها ، أمّا ما قبل هذه الآية فلأنّه تعالى قال :(إنما وليّكم اللّه ورسوله والذّينَ آمنوا) وأما بعد هذه الآية فلقوله : ( يا أيّها الذين آمنوا لا تَتَّخذوا اليهود والنصارى أولياء ) وليس المراد لاتتّخذوا اليهود والنصارى أئمة متصرّفين في أرواحكم وأموالكم ، لأنّ بطلان هذا كالمعلوم. بل المراد لا تتّخذوا اليهود والنصارى أحباباً وأنصاراً ولا تخالطوهم ولا تعاضدوهم ، ثمّ لمّا بالغ في النهي عن ذلك قال : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذوُا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللّهَ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ ) ـ المائدة/٥٧ ـ (٢).
حاصل التشكيك هو أنّ الولي في الآية المتقدّمة والمتأخّرة بمعنى المحب والناصر فلو فسّرت في الآية بالمتصرّف يلزم التفكيك.
والجواب أنّ الولي في الآية المتقدّمة عليها والمتأخّرة عنها ، وفي نفسها بمعنى واحد ليس له في جميع المقامات إلاّ معنى واحد وهو الأولى ، غير أنّه يختلف متعلّق الولاية جوهراً أوّلا وسعة وضيقاً ثانياً ، حسب اختلاف موصوفها ومن قامت به الولاية. فلو كان الولي هو اللّه والرسول فيكون متعلّق الولاية هو النفس والنفيس ، فهم أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فكيف بأموالهم ، فهما أولى بالتصرّف في كل مايمت إلى المؤمنين.
ولو كان الولي من الأب والجد ، يكون المتعلّق شؤون الصغير ومصالحه ،
____________
١ ـ دائرة المعارف لفريد وجدي ٤ / ١٤٨.
٢ ـ مفاتيح الغيب ١٢ / ٢٨.