من حفظ نفسه وعرضه وماله. فيكون أولى بالتصرّف من الصغير في أمواله وشؤونه ، ومنها تزويجه بالغير.
ولو كان الموصوف رئيس القبيلة ، حيث كان الرائج في عهد الجاهلية ، عقد ولاء الدفاع بين القبيلتين ، فيكون هو أولى بالدفاع عن المنتمي في النوائب والنوازل ، إلى غير ذلك من الموارد المختلفة حسب الموصوف.
وبذلك يظهر أنّ المراد من الأولياء في قوله ( لا تتّخذوا اليهود والنصارى أولياء ) هو الأولى لما ستعرف من أنّها نزلت في حق ( عبادة بن الصامت وعبداللّه بن اُبيّ ) واليهود ، وكان بينهما وبين اليهود عقد ولاء الدفاع فكان كل من الطرفين وليّاً للآخر ، أي أولى بالدفاع والذب عن المولى عليه من غيره. قال المفسّرون : نزلت في حق عبادة بن الصامت وعبداللّه بن اُبي بعد غزوة بدر ، حيث لمّا انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود : آمنوا قبل أن يُصيبكم اللّه بيوم مثل يوم بدر ، فقال مالك بن ضيف ( اليهودي ) : أغرّكم أن اصبتم رهطاً من قريش لاعلم لهم بالقتال ، أما لو أمرونا العزيمة أن نستجمع عليكم ، لم يكن لكم يدان لقتالنا ، فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول اللّه فقال : يا رسول اللّه إنّ لي أولياء من اليهود ، كثير عددهم قويّة أنفسهم ، شديدة شوكتهم ، وانّي أبرأ إلى اللّه ورسوله من ولايتهم ، ولا مولى لي إلاّ اللّه ورسوله. فقال عبداللّه بن اُبي : لكنّي لا أبرأ من ولاية اليهود ، لأنّي أخاف الدوائر فلابد لي منهم. فقال رسول اللّه : « يا أبا الحباب ما نفست به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه » قال : اذن اقبل ، وأنزل اللّه الآية (١).
فقد اتّخذ الرجلان اليهود أولياء ليتفرّع عليه النصرة والذبّ كما أنّه سبحانه
__________________
١ ـ مجمع البيان ٢ / ٢٠٦ وغيره.