جعل الأب والجد أولياء ليتفرّع عليه حفظ شؤون المولى عليه ، وعلى ضوء ذلك فالولي في جميع المقامات بمعنى واحد ، والاختلاف انّما هو فيما يتفرّع على الولاية ، لا أنّه تارة بمعنى الأولى وثانياً بمعنى الناصر وثالثاً بمعنى المحب.
ب ـ والّذي يرشدك على أنّ الولي في قوله سبحانه : ( يا أيّها الّذين آمنوا لا تتََّخذوا اليهود والنصارى أولياء ) ليس بمعنى الحب والمحبّة كما احتمله الرازي ، انّه ورد نظير هذا النص في قوله سبحانه : ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اَبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُمْ فَاُوْلئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (١) وليس الولي بمعنى المحبوب. وذلك لأنّ حب الآباء والاخوان أمر فطري ، فطرالناس عليه من غير فرق بين الكافر والمسلم ، ولو كان المراد من التولّي هو الحب يلزم النهي عن أمر جبلّيّ ولأجل ذلك لا محيص عن تفسيره باتخاذهم أولياء على غرار اتخاذ الرسول والإمام أولياء ، بأن تكون ولايتهم على أعناق المؤمنين ، كما أنّه ليس أيضاً بمعنى النصرة لجواز طلب النصرة من الكافر وهذا هو القرآن يجعل شيئاً من الزكاة للمؤلّفة قلوبهم.
ج ـ إنّ قوله ( ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم ) يحكي عن أنّ التولّي على وجه يلحق المتولّي باليهود والنصارى ، وهو لا ينطبق على مجرّد الحب وطلب النصرة والحبّ لا لأجل كونهم كافرين ، بل لأسباب اُخرى من حسن الجوار وغيره.
د ـ إنّه سبحانه يندّد ببعض المؤمنين بقوله : ( يا أيّها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه ... ) وهذا يعرب عن أنّ التولّي كان على وجه ينتهي إلى ارتداد المتولّي.
__________________
١ ـ التوبة / ٢٣.