ذلك في التناقض؟ فيأخذ الحقّ في بعض الموارد من أفواه الرجال ، ويمضي على ضلّته حيث لم يصادف أحداً منهم.
وما أعضل هذه المسألة على الخليفة؟ ولم يمكن من تعلّمها طيلة حياته ، وما شأنه وقد ظنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه يموت قبل أن يعلمها ومات ولم يعلم؟ وما سوّغ له القضاء في تلكم القضايا الجمّة وهو لا يعلم حكمها وقد أخبره النبيّ الأعظم بذلك؟
ولست أدري كيف حفظتها الأُمّة وتلقّتها في قرونها الخالية من دون أن تصعب على أيّ فقيهٍ أو متفقّهٍ ، وقد أشكلت على الخليفة ، وهو مع ذلك أعلم الصحابة في زمانه على الإطلاق عند صاحب الوشيعة؟
ـ ٢١ ـ
رأي الخليفة في امرأة تسرّرت غلامها
عن قتادة : أنّ امرأة اتّخذت مملوكها وقالت : تأوّلت آيةً من كتاب الله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) (١) فأُتي بها عمر بن الخطّاب رضى الله عنه ، وقال له ناس من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : تأوّلت آيةً من كتاب الله عز وجل على غير وجهها ، قال : فضرب العبد وجزّ رأسه ، وقال : أنت بعده حرام على كلّ مسلم.
صورة اخرى للقرطبي :
تسرّرت امرأة غلامها ، فذُكر ذلك لعمر فسألها : ما حملكِ على ذلك؟ قالت : كنت أراه يحلّ لي بملك يميني كما يحلّ للرجل المرأة بملك اليمين. فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : تأوّلت كتاب الله على غير تأويله لا رجم عليها. فقال عمر : لا جرم ؛ والله لا أُحلّك لحرّ بعده أبداً. عاقبها بذلك ودرأ الحدّ
__________________
(١) المؤمنون : ٦.