قال لهم تمليخا : يا إخوتاه! قد ذهب عنّا ملك الدنيا وزال عنّا أمره ، فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعلّ الله يجعل من أمركم فرجاً ومخرجاً. فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبع فراسخ حتى صارت أرجلهم تقطر دماً لأنّهم لم يعتادوا المشي على أقدامهم ، فاستقبلهم رجل راعٍ فقالوا : أيّها الراعي أعندك شربة ماء أو لبن؟ فقال : عندي ما تحبّون ولكنّي أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنّكم إلاّ هِراباً فأخبروني بقصّتكم. فقالوا : يا هذا إنّا دخلنا في دين لا يحلّ لنا الكذب أفينجينا الصدق؟ قال : نعم. فأخبروه بقصّتهم فانكبّ الراعي على أرجلهم يقبّلها ويقول : قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم فقفوا لي هاهنا حتى أردّ الأغنام إلى أربابها وأعود إليكم. فوقفوا له حتى ردّها وأقبل يسعى فتبعه كلب له».
فوثب اليهوديّ قائماً وقال : يا عليّ إن كنت عالماً فأخبرني ما كان لون الكلب واسمه؟
فقال : «يا أخا اليهود حدّثني حبيبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ الكلب كان أبلق بسواد وكان اسمه قطمير ، قال : فلمّا نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم لبعض : إنّا نخاف أن يفضحنا هذا الكلب بنبيحه فألحّوا عليه طرداً بالحجارة ، فلمّا نظر إليهم الكلب وقد ألحّوا عليه بالحجارة والطرد أقعى على رجليه وتمطّى وقال بلسان طلق ذلق : يا قوم لم تطردونني وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، دعوني أحرسكم من عدوّكم وأتقرّب بذلك إلى الله سبحانه وتعالى. فتركوه ومضوا ، فصعد بهم الراعي جبلاً وانحطّ بهم على كهف».
فوثب اليهودي وقال : يا عليّ ما اسم ذلك الجبل؟ وما اسم الكهف؟
قال أمير المؤمنين : «يا أخا اليهود اسم الجبل : ناجلوس ، واسم الكهف : الوصيد. وقيل : خيرم. قال : وإذا بفناء الكهف أشجار مثمرة وعين غزيرة ، فأكلوا من الثمار وشربوا من الماء وجنّهم الليل فآووا إلى الكهف وربض الكلب على باب الكهف