دخل المدينة فمرّ بأقوام يقرءون الإنجيل ، واستقبله أقوام لا يعرفهم حتى انتهى إلى السوق فإذا هو بخبّاز ، فقال له : يا خبّاز ما اسم مدينتكم هذه؟ قال : أفسوس. قال : وما اسم ملككم؟ قال : عبد الرحمن. قال تمليخا : إن كنت صادقاً فإنّ أمري عجيب ادفع إليّ بهذه الدراهم طعاماً ، وكانت دراهم ذلك الزمان الأوّل ثقالاً كباراً فعجب الخبّاز من تلك الدراهم».
فوثب اليهودي وقال : يا عليّ إن كنت عالماً فأخبرني كم كان وزن الدرهم منها؟
فقال : «يا أخا اليهود : أخبرني حبيبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وزن كلّ درهم عشرة دراهم وثلثا درهم. فقال له الخبّاز : يا هذا إنّك قد أصبت كنزاً فأعطني بعضه وإلاّ ذهبت بك إلى الملك. فقال تمليخا : ما أصبت كنزاً وإنّما هذا من ثمن تمر بعته بثلاثة دراهم منذ ثلاثة أيّام وقد خرجت من هذه المدينة وهم يعبدون دقيانوس الملك. فغضب الخبّاز وقال : ألا ترضى أن أصبت كنزاً أن تعطيني بعضه حتى تذكر رجلاً جبّاراً كان يدّعي الربوبيّة قد مات منذ ثلاثمائة سنة وتسخر بي ، ثمّ أمسكه واجتمع الناس ، ثمّ إنّهم أتوا به إلى الملك وكان عاقلاً عادلاً ، فقال لهم : ما قصّة هذا الفتى؟ قالوا : أصاب كنزاً. فقال له الملك : لا تخف فإنّ نبيّنا عيسى عليهالسلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلاّ خمسها فادفع إليّ خمس هذا الكنز وامضِ سالماً. فقال : أيّها الملك تثبّت في أمري ، ما أصبت كنزاً وإنّما أنا من أهل هذه المدينة. فقال له : أنت من أهلها؟ قال : نعم. قال : أفتعرف فيها أحداً؟ قال : نعم. قال : فسمّ لنا ، فسمّى له نحواً من ألف رجل فلم يعرفوا منهم رجلاً واحداً. قالوا : يا هذا ما نعرف هذه الأسماء ، وليست هي من أهل زماننا ، ولكن هل لك في هذه المدينة دار؟ فقال : نعم أيّها الملك ، فابعث معي أحداً ، فبعث معه الملك جماعة حتى أتى بهم داراً أرفع دار في المدينة وقال : هذه داري ثمّ قرع الباب فخرج لهم شيخ كبير قد استرخى حاجباه من الكبر على عينيه وهو