كعب : أوَأنصح لك منّي؟! ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أما بلغك حديث داود أنّ الله عزّ وجلّ أمره ببناء بيت المقدس فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها ، فلمّا بلغ حُجَز الرجال منعه الله بناءه؟ قال داود : أي ربّ إن منعتني بناءه فاجعله في خلَفي ، فقال العبّاس : أليس قد قضيت لي بها وصارت لي؟ قال : بلى. قال : فإنّي أُشهدك أنّي قد جعلتها لله.
وقال البلاذري : لمّا استخلف عثمان بن عفّان ابتاع منازل وسّع المسجد بها ، وأخذ منازل أقوام ووضع لهم الأثمان فضجّوا به عند البيت ، فقال : إنّما جرّأكم عليّ حلمي عنكم وليني لكم ، لقد فعل بكم عمر مثل هذا فأقررتم ورضيتم ، ثمّ أمر بهم إلى الحبس حتى كلّمه فيهم عبد الله بن خالد بن أُسيد فخلّى سبيلهم.
وقال الطبري وغيره : في سنة (١٧) من الهجرة اعتمر عمر بن الخطّاب وبنى المسجد الحرام ووسّع فيه وأقام بمكة عشرين ليلة ، وهدم على أقوام من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتى أخذوها بعدُ.
تاريخ الطبري (٤ / ٢٠٦) ، فتوح البلدان للبلاذري (ص ٥٣) ، سنن البيهقي (٦ / ١٦٨) ، مستدرك الحاكم ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٢٢٧) ، تذكرة الحفّاظ للذهبي (١ / ٧) ، تاريخ ابن شحنة الحنفي ـ هامش الكامل ـ (٧ / ١٧٦) ، الدرّ المنثور (٤ / ١٥٩) ، وفاء الوفاء للسمهودي (١ / ٣٤١ ـ ٣٤٩) (١).
قال الأميني : الأخذ بمجاميع هذه الروايات يُعطينا درساً بأنّ الخليفة لم يكن عالماً بالحكم عند توسيعه المسجدين حتى أنبأه به أُبيّ بن كعب ، ووافق أُبيّا في روايته أبو ذر والرجل الآخر ، لكنّه عمل عند توسيعه المسجد الحرام بخلاف المأثور عن
__________________
(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٦٨ حوادث سنة ١٧ ه ، فتوح البلدان : ص ٥٨ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٧٤ ح ٥٤٢٨ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ١٥٧ حوادث سنة ١٧ ه ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ٨ ، تاريخ ابن شحنة : ١ / ٢٠٢ ، الدرّ المنثور : ٥ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، وفاء الوفاء : ٢ / ٤٨١.