ذكرها كقوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (١). أراد الشمس ولا ذكر لها ، قال أبو عبيد : وأنا أختار هذا التفسير الأخير على الأوّل.
قالوا : ويروى عن عليّ رضى الله عنه ، وذلك أنّه ذكر ذا القرنين فقال : «دعا قومه إلى عبادة الله تعالى فضربوه على قرنه ضربتين وفيكم مثله». فنرى أنّه أراد نفسه ، يعني : أدعو إلى الحقّ حتى يُضرب رأسي ضربتين يكون فيهما قتلي. أو ذو جبليها الحسن والحسين ـ سبطي الرسول ـ رضي الله عنهما روي ذلك عن ثعلب. أو ذو شجنتين في قرني رأسه إحداهما من عمرو بن عبد ودّ يوم الخندق ، والثانية من ابن ملجم لعنه الله. قال أبو عبيد : وهذا أصحّ ما قيل (٢) انتهى.
وبعد خفاء ما في الكتاب والسنّة على الخليفة لا يسعنا أن نؤاخذه بالجهل بشعر رجالات الجاهلية ، وقد ذُكر ذو القرنين في شعر امرئ القيس ، وأوس بن حجر ، وطرفة بن العبد ، وقال الأعشى بن ثعلبة :
والصعبُ ذو القرنين أمسى ثاوياً |
|
بالحنو في جدثٍ هناك مقيم |
وقال الربيع بن ضُبيع :
والصعبُ ذو القرنين عمّر ملكه |
|
ألفين أمسى بعد ذاك رميما |
وقال قُس بن ساعدة :
والصعبُ ذو القرنين أصبح ثاوياً |
|
باللحد بين ملاعبِ الأرياح |
__________________
(١) سورة ص : ٣٢.
(٢) نوادر الأُصول للحكيم الترمذي : ص ٣٠٧ [٢ / ١٨٧ الأصل ٢٤١] ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٢٣ [٣ / ١٣٣ ح ٤٦٢٣] ، الرياض النضرة : ٢ / ٢١٠ [٣ / ١٦١] ، النهاية لابن الأثير : ٣ / ٢٧٨ [٤ / ٥١] ، لسان العرب : ١٧ / ٢١٠ [١١ / ١٣٦] ، قاموس اللغة : ٤ / ٢٥٨ [ص ١٥٧٩] ، تاج العروس : ٩ / ٣٠٧ ، كنز العمّال : ١ / ٢٥٤ [٢ / ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ح ٤٤٩١ ـ ٤٤٩٣]. (المؤلف)