خليج آت من الغرب يدفع في وسط المدينة فيترك شماله المدينة القديمة. وشاطئ المرسى الجديد وجنوبه بعض المدينة الجديدة التي بها جبل نوتردام دولافارد. وعند منتهى الخليج المذكور يوجد شارع عظيم يذهب شمالا إلى بطحاء جوليات بالمرسى الجديدة ويسمى لاريبوبليك. وجنوبا إلى أطراف المدينة من رأس الخليج أيضا يبتدي مشرقا نهج عظيم يسمى في مبدئه كانبياير ، وفي غايته مادلاين متصل ببستان النباتات والحيوانات الغريبة في شرقي المدينة. يمر هذا الشارع في مبدئه بالبورصة وهي محل بيع الأوراق المالية ، ثم يقاطع الشارع العظيم المستقيم بهاته المدينة ، والممتد إلى طرفيها من الشمال ويسمى فيه بنهج باريز ، إلى الجنوب ويسمى فيه بنهج رومة. وإذا سلكت فيه قليلا إلى الشمال بعد التقاطع المذكور تصادف نهج كولباير مشرقا ، وفيه غربا محل البوسطة وشرقا أوتيل دولابوست الذي نزلناه فوجدنا في ساحته ما يحتاج إليه المسافر. وقريبة منه مراكز وقوف العربات والطرمفاي الكهربائي الذي رأيناه في مرسيليا يخترق غالب شوارعها أكثر من ساير المدن بفرانسا. أسعار العربات من الفرنكين إلى الثلاثة في الساعة والبرهة لا تقل عن فرنكين في الغالب مع الإحسان. وكذلك سيارات الكهرباء وهي أحسن للمستعجل والغيب الذي تكون أعماله مضبوطة وأوقاته نفيسة ، وكراؤها في الغالب مثل العربات في المسافات المقصودة ، أي ما يصرف فيها لقضاء مأرب بمكان معين يصرف على العربات حيث ارتفاع أسعارها تقلله السرعة وبالعكس العربات الخيلية. ونبهنا بعض السكان أنفسهم إلى إلغاء إرشادات أرباب العربات ، خشية التضليل ، والتباعد عن سؤال السكان عن أي شيء كائن ما كان وهذا على خلاف بقية مدن فرانسا أهل العناية الغريبة بالضيف الغريب.
زرت بستان الحيوان بمرسيليا بعد الرجوع من باريز فتذكرت ما قاله المؤرخون من أخبار خمارويه بن أحمد بن طولون أمير مصر في النصف الثاني من القرن الثالث ، وأنه كان له بستان غرس فيه أنواع الرياحين وأصناف الشجر وزرع فيه الزعفران وألوان الأزهار ، وجمع فيه الطيور المستحسنة وماله صوت حسن منها ، وأعد لها أبراجا من الخشب وأجرى لها جداول المياه ، وخصص قسما للسباع وبنى لها بيوتا تفتح أبوابها بحركات ولها أوقات تخرج فيها إلى قاعة تمرح وتتهارش ثم تعود لأماكنها تحت مراقبة