العشرة آلاف فرنك مع جنيناتها ، رأيت بها كثيرا من الأجانب ويظهر أنهم من أصحاب اللسان الألماني والأنكليزي الذي لا يجيب من يكلمه ولا يركن لمن يجالسه وممن لا يرى في الوجود سواه ، سبحانك اللهم إن العظمة لا تكون إلا إليك.
فكأنما نحن في هاته القرية لسنا في مدن فرانسا الباسمة في وجه زائريها والمرحبة بالقادمين إليها والمرشد أهلها لسائلهم ، وربما بدأوه بالسؤال تعطفا لإرشاده وإمداده بما عسى أن يسأل عنه أو يحتاجه ، ولذلك لم تحصل لي رغبة في الإقامة بها وتحبب إلي الخروج منها وأنشدت قول المتنبي :
ولكن الفتى العربي فيها |
|
غريب الوجه واليد واللسان |
ملاعب جنة لو سار فيها |
|
سليمان لسار بترجمان |
وربما كنت غير ذي حاجة إليها والانتفاع بمياهها. والعذر لأرباب الحاجات.
ويقولون عن إيكس ليبا أنها ملكة المنازل ومنازل الملوك لكثرة زوارها منهم. فعلمت أن ذلك سبب غلاء الأسعار في المنازل والبضائع التي شاهدتها والتحف التي بها ، وبالأخص أواني البلور الملون المختلفة الأشكال وهي غاية في النفاسة. حاولت أن أقتني منها بعض قطع فوجدتها غالية وتذكرت أن المال للمسافر أنفس منها ، فتركت بضاعة ملكة المنازل لمن ينزلها ويممت جنيف على طريق آنسي.
وأشكر شركة تقدم البلاد في إيكس ليبا عما أمدتنا به من الإعانة. مملك السويس. شاهقة الجبال وبها تدوم النباتات لما بها من الثلوج. وكثيرة الحيوان ، وأهاليها أرباب جد وصنائع واقتصاد واتحاد ، والسويس كعبة الأغنياء لحسن المناظر ، وتلامذة العلم للكليات العالية فيها ، وأرباب السياسة المضطهدين لحرية القول هناك.
ومن ذلك يحصل للمملكة دخل عظيم يقدر بعشرات الملايين في العام ، واعتنى الأهالي بإحضار ما يلائم ذوق جميع الوافدين لاستدرار أموالهم وهم في بلدانهم ، جمعوا بين الوطن والوطر ، فما أسعد الأمم التي تكون مثلهم. أما في المعارف والتربية وترتيب أثاث المنازل فيكفي أن الدولة تصرف أكثر من ثلث ميزانيتها على المكاتب ،