الرومان تلك الأمة الراقية الجاري ذكرها إلى الآن مع المياه التي سار على منوالهم في إحياء النفع بها أمم أروبا. ونحن في قربص لو لا النظام الجديد من شركة فرنساوية لبقيت معاناة السفر تذيق أرباب الحاجات إليه ما هو أمر من آلام الأمراض نفسها.
وبجهات قصطيلية بجنوب المملكة وفي جنباتها أيضا مياه كثيرة حارة وربما سميت بعض البلدان لأجل ذلك بالحامة تصحيف الحمة وهي العين الحارة. وفي قفصة يسمى ماؤها الحار «ترميل» ولعلها كلمة يونانية من زمن الروم «الإكريق» الدولة التي وجدها الإسلام بإفريقيا وأصلها «تيرمال» Thermal أي الحار ، ومنه التيرموميتر ميزان الحرارة ، شاهدت تلك المياه المتفجرة في عدة أماكن من مدينة قفصة وأحوازها عذبة.
تسمح في تلك الأراضي الطيبة ، التي بها الآن جانب من النخيل والزيتون وأشجار بعض الغلال أطلعني عليها صديقنا الفاضل سيدي بلقاسم بن العربي الشريف شيخ الطريقة القادرية ، أن تكون ثروة قفصة وعمرانها في درجة معتبرة. ولتوسط موقعها بين أراضي الفلاحة والنخيل والزيتون «إفريقيا والجريد والساحل» يمكن أن تضاهي مدينة صفاقس الشهيرة الآن بالثروة والعمل وهما أمران متلازمان. ومن لم يعرف مدينة صفاقس وأهاليها لم يطلع في المملكة التونسية على الأعمال الكثيرة والثروة الغزيرة والنفوس الكبيرة. بحمامات إيكس ليبا عينان إحداهما تعرف بعين الشب اسم لا مسمى ، والثانية بعين الكبريت ودرجة حرارة الماء فوق الأربعين صانتيكراد يعالج بهاته المياه على ما بلغني : مرض المفاصل ـ الصداع العصبي ـ تليين الأعصاب اليابسة ـ الحب الإفرنجي ـ البول السكري ـ تقليل الشحم ـ أمراض الجلد ـ الأمراض الداخلية للنسوة ـ الأمعاء ـ ضد الإسهال. والاستحمام بها للفقراء مجانا وهذا من محاسنها ، والأهالي يدخلون أيضا مجانا. والظاهر أن الأهالي بقربص كذلك. والساكن الأصلي أولى بالرحمة والاعتبار.
بلغني أنها تقام بها أفراح عامة كسباق الخيل وصيد الحمام ونعمت الرياضة ركوب الخيل وسباقها ونعمت النزهة حضورها ، وليت شركة قربص تعين أياما في السنة وبالأخص في أيام الربيع تقيم بها أفراحا عامة تسلي المتنزهين وتجلب ما يرجع بالنفع على الشركة بهذا الإشهار.
بلغني أن في إيكس ليبا من الديار المعدة لسكنى الزائرين لمدة شهر ما يبلغ كراؤه