في بلفار دولاكولون ، وكان مكتظا بالعساكر والأهالي في عيد يوم الأحد وفي المساء ، أبت إلى كرونوبل.
تعرفت بين شامبري وكرونوبل برجل وزوجه من المكسيك متجول في مصالح تجارية ، حدثنا عن أحوال مملكته وكثرة اللغات بها زيادة عن اللغة الرسمية الإسبنيولية بحيث تبلغ نحو الثلاثين مثل لاستيك وما كسيكان وبلوكه وطارسك وميستاك. إلى غير ذلك من لغات تثقل على السمع واللسان أسماؤها. فما بالك بمفرداتها. وخضنا في حديث اتفاق البشر على لغة واحدة يتفاهم بها مع بقاء لغة كل قوم. وكنت أستحسن هذا الرأي وإن قل ناصره في لغة الاسبيرنتو مع علمي. بأن اللغة المراد الاتفاق على تعميمها إذا كانت لغة أمة فلا توافق بقية الأمم على امتياز تلك الأمة بهاته الخصوصية. والأمم تحب لغتها بقدر ما تحب جنسها ووطنها ضرورة ، إنها رفيقة الإنسان من يوم عرف الدنيا ، وعلم خبايا النفوس وخواطر العقول بواسطتها ، وتغذى بها مع لبان الأم وحنان الوالد ومدنية القرابة وعلائق الشعب. وإن كانت لغة مخترعة أو ميتة فهي صعبة النجاح حيث لا وطنية ولا جنس ينطق بها جبرا في عالم الاجتماع. مثل ما يتعذر إحداث دولة مثلا من أفراد في أطراف الأرض وزوايا الممالك إذ لا وطن ترتكز فيه الدعايم ، ولا عصبية تنفخ روحها في العزايم. ولذلك فلغة الاسبيرنتو وإن كانت النفوس المفكرة الجانحة إلى تعارف أبناء آدم كما ينبغي تود تعميمها ولكن دون ذلك إفاضة نور الشمس فيما أرى على عموم الكرة الأرضية في آن واحد أو إزالة البحار عن جميع سطح الأرض. دار هذا الموضوع في ميدان الحديث بباريز مع المسيو صال ، تفقد المستعمرات سابقا وأحد زعماء نشر اللغة الفرنساوية فكان لا يرى نجاح اللغة المزمع عليها لكونها على خلاف الطبيعة ، إذ اللغة يسبق بها الاستعمال العام بين سائر الطبقات ثم تحرر لها العلماء القواعد فيما بعد فتقابل بالقبول. وأما تحكم العلماء بوضع لغة كاملة وحمل الناس على استعمالها فهذا مما يتعذر. واختلاف اللغات من عهد برج بابل حتى لا يتفاهم أبناء نوح بلغة واحدة إنما كان لحكمة يعلمها الله ولا راد لقضائه.
أمطرت السماء في كرونوبل كأفواه القرب ساعة زمانية ، وتلك أول مرة رأيت فيها المطر في فرانسا وآخر مرة رأيت فيها ذلك التدفق وتلك الغزارة عدا رذاذ بلل شوارع